في خطوة حاسمة تهدف إلى تعزيز استقرار الدولة وإعادة بناء مؤسساتها، شدد فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، على ضرورة التزام الحكومة بتقديم الموازنة العامة للدولة في موعدها المحدد، معتبراً إياها الركيزة الأساسية لمواصلة مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية الشاملة.
سياق تاريخي وتحديات اقتصادية
يأتي هذا التوجيه في ظل ظروف بالغة التعقيد يعيشها اليمن منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية في عام 2014، والذي أدخل البلاد في حرب مدمرة وأزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم. وقد أدى الصراع إلى انقسام المؤسسات المالية، وعلى رأسها البنك المركزي، وتدهور قيمة العملة الوطنية، وتوقف صرف رواتب ملايين الموظفين، مما فاقم من معاناة المواطنين. ومنذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022، تسعى الشرعية اليمنية إلى توحيد الصفوف وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتفعيل أدواتها الاقتصادية لمواجهة هذه التحديات الجسيمة.
تفاصيل التوجيهات الرئاسية
وخلال ترؤسه جانباً من جلسة الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، بحضور رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، أكد الرئيس العليمي أن تحسين الموارد المالية وضمان توريدها عبر القنوات الرسمية يمثل «الاختبار الحقيقي لقدرة الدولة على القيام بمهماتها الدستورية». وأشار إلى أن تنفيذ قرار مجلس القيادة رقم (11)، القاضي بتوحيد الإيرادات ومنع أي تحصيل خارج الإطار القانوني، يعد محوراً جوهرياً في برنامج الإصلاحات. كما وجه فخامته بإجراء حصر شامل لأملاك الدولة من أراضٍ وعقارات وأصول، ووضع خطة استثمارية لتحويلها إلى موارد فاعلة، مع دراسة إنشاء صندوق سيادي لإدارتها وفق أفضل معايير الحوكمة الدولية.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
تكتسب هذه الخطوة أهمية استراتيجية على كافة الأصعدة. محلياً، يهدف إقرار الموازنة إلى إعادة الانضباط المالي، وتوفير الموارد اللازمة لصرف الرواتب بانتظام، وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين مثل الكهرباء والمياه والصحة، مما يساهم في تخفيف المعاناة وبناء ثقة المواطن في مؤسسات الدولة. إقليمياً ودولياً، تُعد هذه الإصلاحات رسالة قوية للمجتمع الدولي والشركاء الإقليميين، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بأن الحكومة الشرعية جادة في تحمل مسؤولياتها، وهو ما قد يشجع على تقديم المزيد من الدعم المالي والفني اللازم لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة الإعمار.
أولويات المرحلة الراهنة
وأوضح الرئيس العليمي أن أولويات المرحلة تشمل أيضاً تعزيز الأمن وحشد كافة الجهود «لمعركة الخلاص من المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني». وفي الشق الإنساني، حذر من أن نحو 17 مليون يمني ما زالوا بحاجة للمساعدات، موجهاً بسرعة إنشاء هيئة وطنية للإغاثة لضمان التنسيق والرقابة الفعالة على العمل الإنساني. كما أشاد بالإنجازات الأمنية في ضبط خلايا إرهابية وشحنات أسلحة ومخدرات كانت في طريقها للمليشيات، مؤكداً أن نجاح الإصلاحات الاقتصادية مرهون بوجود منظومة أمنية وقضائية فاعلة.


