في خطوة تمثل نقلة نوعية في مسيرة التحول الرقمي للقطاع العدلي السعودي، كشف مدير منصة «ناجز» في تصريح لصحيفة «عكاظ» عن إنجاز استثنائي يتمثل في تقليص متوسط مدة تنفيذ الأحكام القضائية إلى خمسة أيام فقط، وذلك بفضل تفعيل خدمات المحكمة الافتراضية. ويأتي هذا التطور كأحد أبرز ثمار استراتيجية وزارة العدل الهادفة إلى أتمتة الإجراءات وتسهيل وصول المستفيدين إلى الخدمات العدلية، تحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030.
السياق العام: التحول الرقمي ورؤية 2030
لم يكن هذا الإنجاز وليد الصدفة، بل هو تتويج لسنوات من العمل الدؤوب ضمن رؤية المملكة 2030 التي وضعت التحول الرقمي الحكومي على رأس أولوياتها. وقد كانت وزارة العدل من الجهات السبّاقة في تبني التقنية لتطوير منظومتها، حيث أطلقت منصة «ناجز» (najiz.sa) كبوابة موحدة لتقديم كافة الخدمات العدلية إلكترونياً. هدفت المنصة منذ إطلاقها إلى القضاء على البيروقراطية، وتقليل الحاجة لزيارة المرافق العدلية، وتوفير وقت وجهد المستفيدين من مواطنين ومقيمين وقطاع أعمال.
المحكمة الافتراضية: قضاء ناجز بلا ورق
تُعد “المحكمة الافتراضية للتنفيذ” هي الأداة التقنية التي مكّنت من تحقيق هذا القفز الهائل في الكفاءة. فبدلاً من الإجراءات التقليدية التي كانت تستغرق أسابيع أو حتى أشهراً، أصبح بإمكان طالب التنفيذ الآن تقديم طلبه إلكترونياً عبر منصة ناجز، ليتم التحقق من السند التنفيذي وإصدار القرارات اللازمة بشكل آلي وسريع. تشمل هذه الإجراءات الربط الإلكتروني مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة كالبنوك والمرور والجوازات، مما يسرّع من عملية الحجز على أموال المنفذ ضده وإلزامه بالسداد في وقت قياسي.
الأهمية والتأثير المتوقع
يحمل تقليص مدة التنفيذ إلى 5 أيام فقط أبعاداً اقتصادية واجتماعية هامة:
- على المستوى المحلي: يعزز هذا الإنجاز ثقة الأفراد والمؤسسات في النظام القضائي، ويضمن سرعة استيفاء الحقوق، مما يقلل من النزاعات ويساهم في استقرار المعاملات التجارية والمدنية.
- على المستوى الاقتصادي: يمثل القضاء الناجز وسريع التنفيذ أحد أهم عوامل جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية. فالمستثمر يبحث عن بيئة أعمال آمنة تضمن له سرعة إنفاذ العقود وتحصيل حقوقه، وهو ما توفره هذه الخدمة بكفاءة عالية، مما يرفع من تصنيف المملكة في مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال الدولية.
- على المستوى الإقليمي والدولي: تضع هذه الخطوة المملكة العربية السعودية في مصاف الدول الرائدة عالمياً في مجال القضاء الرقمي والـ “LegalTech”، وتقدم نموذجاً يحتذى به في المنطقة لتحديث الأنظمة العدلية بما يواكب متطلبات العصر الرقمي.
في الختام، يؤكد هذا التطور أن رحلة التحول الرقمي في القطاع العدلي السعودي لا تقتصر على مجرد توفير الخدمات إلكترونياً، بل تهدف إلى إعادة هندسة الإجراءات بالكامل لتحقيق عدالة ناجزة تتسم بالسرعة والشفافية والكفاءة.


