في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنظيم وتطوير جهود تنمية الغطاء النباتي، أعلن البرنامج الوطني للتشجير عن تحديد 21 إقليماً نباتياً مختلفاً وتصنيفها علمياً، مع ربط هذه الأقاليم بشكل مباشر بمنصة التشجير الإلكترونية. يأتي هذا الإجراء لضمان دقة التخطيط البيئي والتأكد من مواءمة الأنواع النباتية مع البيئات الطبيعية المناسبة لها، مما يعزز من فرص نجاح عمليات الزراعة واستدامتها.
منهجية علمية لضمان استدامة الغطاء النباتي
يعتمد تحديد الـ 21 إقليماً نباتياً على دراسات مستفيضة للخصائص الطبوغرافية والمناخية لكل منطقة، بما في ذلك نوعية التربة، معدلات هطول الأمطار، ودرجات الحرارة، بالإضافة إلى دراسة الأنواع النباتية المحلية المتأقلمة مع كل بيئة. ويهدف هذا التصنيف الدقيق إلى تطبيق مبدأ "الشجرة المناسبة في المكان المناسب"، وهو ركيزة أساسية لتجنب الهدر في الموارد المائية والمالية، وضمان نمو الأشجار بشكل طبيعي دون الحاجة إلى تدخلات بشرية مكثفة للري أو الصيانة على المدى الطويل.
دور التكنولوجيا في إدارة الموارد الطبيعية
يعد ربط هذه الأقاليم بمنصة التشجير نقلة نوعية في آلية إدارة المبادرات البيئية. حيث تتيح المنصة للجهات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد الراغبين في المساهمة في التشجير، معرفة الأنواع النباتية المسموح زراعتها في كل نطاق جغرافي بدقة متناهية. كما تسهم المنصة في رصد التقدم المحرز، وتوفير قاعدة بيانات ضخمة تدعم اتخاذ القرارات البيئية، مما يسهل عمليات المتابعة والرقابة ويمنع الزراعة العشوائية التي قد تضر بالتوازن البيئي.
سياق مبادرة السعودية الخضراء ورؤية 2030
لا يمكن فصل هذا الإعلان عن السياق الأوسع المتمثل في "مبادرة السعودية الخضراء"، التي أطلقها ولي العهد السعودي، والتي تستهدف زراعة 10 مليارات شجرة خلال العقود القادمة. يمثل البرنامج الوطني للتشجير الذراع التنفيذي لهذه الطموحات، حيث يسعى لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في حماية البيئة والموارد الطبيعية. وتعتبر هذه الخطوة التنظيمية حجر الزاوية للانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ الممنهج القائم على أسس علمية وتقنية راسخة.
الأهمية البيئية والاقتصادية
يحمل هذا المشروع أبعاداً تتجاوز مجرد الزراعة؛ فهو يساهم بشكل مباشر في مكافحة التصحر وزحف الرمال، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتحسين جودة الهواء. على الصعيد الاقتصادي، يساهم تنمية الغطاء النباتي في تعزيز السياحة البيئية، وخلق فرص عمل جديدة في قطاعات الزراعة والبيئة، بالإضافة إلى حماية البنية التحتية من العواصف الغبارية. إن تحديد الأقاليم النباتية يعكس التزاماً دولياً من المملكة بالمساهمة الفاعلة في الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي، ويضع معياراً إقليمياً يحتذى به في إدارة مشاريع التشجير الكبرى في المناطق الجافة وشبه الجافة.


