spot_img

ذات صلة

فرنسا: السجن 10 سنوات لمواطنة انتمت لتنظيم داعش

أصدرت محكمة الجنايات الخاصة في باريس حكماً بالسجن لمدة عشر سنوات في حق مواطنة فرنسية، وذلك بعد إدانتها بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، في إشارة إلى التحاقها بصفوف تنظيم «داعش» في سوريا. ويأتي هذا الحكم ليؤكد النهج الصارم الذي تتبعه السلطات القضائية الفرنسية في التعامل مع ملف «العائدين» من مناطق النزاع، حيث تعتبر فرنسا من أكثر الدول الأوروبية التي سافر مواطنوها للقتال أو العيش في ظل ما كان يُسمى بـ«دولة الخلافة».

وتعود تفاصيل القضايا المماثلة عادةً إلى سفر المتهمين إلى سوريا أو العراق خلال الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2019، حيث انخرطوا في أنشطة التنظيم المختلفة. وفي هذه القضية، رأت المحكمة أن المتهمة مذنبة بتهمة «المشاركة في عصبة أشرار إرهابية إجرامية»، وهي التهمة القياسية التي يوجهها القضاء الفرنسي للبالغين الذين مكثوا في مناطق سيطرة التنظيم، حتى وإن لم يثبت حملهم للسلاح بشكل مباشر، وذلك نظراً لتقديمهم الدعم اللوجستي أو المعنوي أو ببساطة الانخراط في البنية الديموغرافية للتنظيم.

سياق تاريخي وملف العائدين

لفهم أبعاد هذا الحكم، يجب النظر إلى السياق العام الذي عاشته فرنسا وأوروبا خلال العقد الماضي. فمنذ إعلان تنظيم داعش عن سيطرته على مساحات واسعة في العراق وسوريا عام 2014، غادر مئات الفرنسيين بلادهم للالتحاق بالتنظيم. وتشير التقديرات الاستخباراتية إلى أن فرنسا كانت المصدر الأكبر للمقاتلين الأجانب من داخل الاتحاد الأوروبي. وبعد انهيار التنظيم عسكرياً وسقوط آخر معاقله في «الباغوز» عام 2019، برزت معضلة قانونية وأمنية وإنسانية تمثلت في كيفية التعامل مع النساء والأطفال المحتجزين في المخيمات التي يديرها الأكراد في شمال شرق سوريا.

الإجراءات القضائية والتشدد الفرنسي

تتبنى فرنسا سياسة قضائية حازمة تجاه العائدين، حيث يخضع كل بالغ يعود من تلك المناطق لتحقيقات فورية ومحاكمات غالباً ما تنتهي بأحكام سجن طويلة. وتتراوح الأحكام عادة بين 10 إلى 20 سنة للنساء، بناءً على درجة انخراطهن في التنظيم، وما إذا كن قد مارسن أدواراً قيادية أو دعوية، أو اكتفين بأدوار منزلية كزوجات لمقاتلين. ويعكس الحكم بالسجن 10 سنوات في هذه القضية الحد الأدنى من العقوبات المشددة التي تهدف لردع أي محاولات مستقبلية للتطرف، ولضمان عدم تشكيل هؤلاء الأشخاص خطراً على الأمن القومي الفرنسي بعد عودتهم.

التأثيرات الأمنية والاجتماعية

لا تتوقف القضية عند حدود الحكم بالسجن، بل تمتد لتشمل تحديات إعادة التأهيل داخل السجون وخارجها. وتواجه السلطات الفرنسية تحدياً كبيراً في مراقبة المدانين بالإرهاب لمنع نشر الأفكار المتطرفة داخل السجون، بالإضافة إلى التحدي الاجتماعي المتمثل في مصير الأطفال الذين عادوا مع أمهاتهم، والذين يتم عادة فصلهم ووضعهم تحت رعاية دور الحضانة أو أسر بديلة لمحاولة دمجهم في المجتمع وتخليصهم من الصدمات النفسية والأيديولوجية التي تعرضوا لها.

spot_imgspot_img