وجهت الرئاسة البرازيلية تحذيراً صريحاً ومباشراً إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، مشددة على خطورة أي تحرك عسكري تجاه فنزويلا، ومعتبرة أن اندلاع حرب في الجارة الشمالية لن يكون مجرد نزاع حدودي، بل سيتطور ليصبح كارثة إنسانية عالمية تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من أمريكا اللاتينية.
سياق الأزمة وتاريخ التوترات
تأتي هذه التحذيرات في وقت تشهد فيه العلاقات بين واشنطن وكاراكاس توتراً غير مسبوق، حيث لوحت الإدارة الأمريكية في أكثر من مناسبة بأن "جميع الخيارات مطروحة" للتعامل مع نظام الرئيس نيكولا مادورو. وتعيش فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم، أزمة اقتصادية وسياسية خانقة منذ سنوات، أدت إلى تضخم مفرط ونقص حاد في الغذاء والدواء، مما دفع الملايين من مواطنيها إلى الهجرة نحو دول الجوار، وفي مقدمتها البرازيل وكولومبيا.
المخاوف البرازيلية: حدود ملتهبة وأزمة لاجئين
تستند المخاوف البرازيلية إلى حقائق جغرافية وديموغرافية لا يمكن تجاهلها؛ حيث تشترك البرازيل مع فنزويلا في حدود برية تمتد لأكثر من 2200 كيلومتر، معظمها في مناطق غابات كثيفة وصعبة التضاريس. ويرى الخبراء العسكريون والسياسيون في برازيليا أن أي تدخل عسكري سيؤدي فوراً إلى تدفق غير منضبط لملايين اللاجئين نحو ولاية "رورايما" البرازيلية، التي تعاني أصلاً من ضغط كبير على خدماتها العامة بسبب موجات الهجرة السابقة.
تداعيات إقليمية ودولية خطيرة
لا تقتصر التحذيرات البرازيلية على الشأن المحلي فحسب، بل تتطرق إلى البعد الجيوسياسي للأزمة. ففنزويلا تحظى بدعم قوى دولية عظمى مثل روسيا والصين، اللتين تمتلكان استثمارات ضخمة في قطاع الطاقة الفنزويلي. ويحذر المحللون من أن أي تحرك عسكري أمريكي قد يحول أمريكا الجنوبية إلى ساحة لحرب بالوكالة بين القوى العظمى، مما يهدد استقرار القارة بأكملها التي ظلت لعقود بعيدة عن النزاعات الدولية المسلحة.
الكلفة الإنسانية المتوقعة
أكدت القيادة البرازيلية أن الحل العسكري لن يجلب الديمقراطية، بل سيخلف دماراً هائلاً في البنية التحتية ويزيد من معاناة الشعب الفنزويلي. وتشير التقديرات الاستراتيجية إلى أن حرب العصابات المحتملة في حال الغزو قد تستمر لسنوات طويلة، مما سيخلق بؤرة توتر دائم تستنزف موارد دول الجوار وتعيق التنمية الاقتصادية في المنطقة برمتها. وعليه، تدعو البرازيل إلى تغليب لغة الحوار والدبلوماسية والضغط السياسي بدلاً من المغامرات العسكرية غير محسوبة العواقب.


