spot_img

ذات صلة

بن غفير ومقترح التماسيح للأسرى: تفاصيل الصدمة في إسرائيل

أثارت تقارير إعلامية عبرية مؤخراً موجة من الجدل والصدمة داخل الأوساط السياسية والأمنية في إسرائيل، بعد تسريب تفاصيل حول مقترح غريب ومثير للذهول تقدم به وزير الأمن القومي المتطرف، إيتمار بن غفير. ووفقاً للتسريبات، فقد استفسر بن غفير خلال نقاشات أمنية مغلقة عن إمكانية التخلص من الأسرى الفلسطينيين أو ردعهم عبر وضعهم في منشآت محاطة بالتماسيح، في خطوة تعكس تصعيداً غير مسبوق في الخطاب المتعلق بالتعامل مع المعتقلين الأمنيين.

سياق التصريحات وخلفية السياسات المتشددة

لا يأتي هذا التصريح من فراغ، بل يندرج ضمن سلسلة طويلة من الإجراءات والمقترحات التي تبناها بن غفير منذ توليه منصبه في الحكومة الإسرائيلية الحالية. فقد عمل الوزير اليميني بشكل منهجي على تشديد الخناق على الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، بدءاً من تقليص كميات المياه المتاحة لهم، مروراً بمنع المخابز داخل السجون، وصولاً إلى تقليل ساعات الفسحة والزيارات. ويعتبر بن غفير أن تحسين ظروف الاعتقال هو “رفاهية” لا يجب أن يتمتع بها من يصفهم بـ “المخربين”، وهو ما وضعه في صدام دائم ليس فقط مع المنظمات الحقوقية، بل حتى مع قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية (الشاباك) الذين حذروا مراراً من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى انفجار الأوضاع في الضفة الغربية وداخل السجون.

أزمة السجون والاكتظاظ

تتزامن هذه التصريحات مع أزمة حقيقية تعيشها مصلحة السجون الإسرائيلية تتمثل في الاكتظاظ الشديد، خاصة بعد حملات الاعتقال الواسعة التي تلت أحداث السابع من أكتوبر والحرب على قطاع غزة. وقد استغل بن غفير هذه الأزمة للدفع بمقترحاته المتطرفة، بما في ذلك الدعوة الصريحة لتطبيق عقوبة الإعدام على الأسرى كحل جذري لمشكلة الاكتظاظ، وهو ما صرح به علنياً في أكثر من مناسبة، معتبراً أن “إعدام الأسرى” هو الحل الأمثل لتخفيف العبء عن السجون.

التداعيات السياسية والحقوقية

أثار الحديث عن “التماسيح”، سواء كان جدياً أو في إطار المبالغة البلاغية، مخاوف قانونية ودولية واسعة. فمن الناحية القانونية، تتعارض هذه الأفكار بشكل صارخ مع اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني الذي ينظم معاملة أسرى الحرب والمعتقلين. ويرى مراقبون أن مثل هذه التسريبات تضر بصورة إسرائيل دولياً وتزيد من عزلتها، كما أنها قد تستخدم كأدلة في المحاكم الدولية التي تنظر في انتهاكات حقوق الإنسان.

التأثير على ملف المحتجزين والمفاوضات

على الصعيد الداخلي، تزيد هذه التصريحات من تعقيد الموقف بالنسبة لعائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة، الذين يخشون من أن يؤدي التنكيل بالأسرى الفلسطينيين إلى ردود فعل انتقامية تمس أبناءهم. كما أن هذا النهج المتشدد يضع عراقيل إضافية أمام أي جهود للوساطة تهدف لإبرام صفقات تبادل، حيث يعتبر ملف الأسرى من أكثر الملفات حساسية وتعقيداً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إن استمرار بن غفير في نهجه هذا يعكس عمق الأزمة داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، ويشير إلى أن ملف السجون سيظل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، ملقياً بظلاله القاتمة على المشهد الإقليمي المتوتر أصلاً.

spot_imgspot_img