spot_img

ذات صلة

عراقجي: تضرر منشآت نووية إيرانية والتقنيات محفوظة

في تصريح لافت يعكس حدة التوترات الإقليمية المتصاعدة، أقر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بوقوع أضرار في بعض المنشآت النووية الإيرانية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هذه الأضرار لا تعني توقف البرنامج النووي، نظراً لأن «التقنيات والمعرفة» لا تزال موجودة ومحفوظة لدى العلماء الإيرانيين.

التمييز بين البنية التحتية والمعرفة التقنية

جاءت تصريحات عراقجي لتضع حداً للتكهنات حول حجم الأضرار التي قد تكون لحقت بالبرنامج النووي الإيراني جراء الهجمات الأخيرة أو عمليات التخريب السيبراني والمادي. وأكد الوزير أن استهداف المباني أو أجهزة الطرد المركزي قد يعطل العمل مؤقتاً، لكنه لا يقضي على القدرة النووية للدولة. هذا التصريح يحمل رسالة استراتيجية مفادها أن البرنامج النووي الإيراني قد وصل إلى مرحلة من النضج التقني المحلي (Indigenization) بحيث لا يمكن القضاء عليه عبر الضربات العسكرية التقليدية، حيث أن إعادة بناء ما تم تدميره هي مسألة وقت وتمويل فقط، وليست معضلة علمية.

سياق الصراع والخلفية التاريخية

لا يمكن فصل هذه التصريحات عن السياق التاريخي الطويل لما يُعرف بـ «حرب الظل» بين إيران وإسرائيل، والتوترات المستمرة مع الغرب. على مدار العقدين الماضيين، تعرضت المنشآت النووية الإيرانية، مثل «نطنز» و«فوردو»، لسلسلة من الهجمات التي تنوعت بين الفيروسات الإلكترونية (مثل فيروس ستوكسنت الشهير) وبين عمليات التخريب المباشر واغتيال العلماء النوويين. ولطالما كانت الاستراتيجية الإيرانية تعتمد على تعزيز التحصينات، ونقل المنشآت إلى أعماق الجبال، وتوزيع المعرفة التقنية على جيل واسع من العلماء لضمان استمرارية البرنامج مهما كانت الخسائر.

الأبعاد الإقليمية والدولية للحدث

من الناحية الجيوسياسية، يحمل اعتراف عراقجي بالأضرار دلالات هامة. فعلى الصعيد الداخلي، يحاول النظام الإيراني طمأنة قواعده بأن «القلب النابض» للمشروع القومي لا يزال سليماً. أما إقليمياً ودولياً، فهي رسالة موجهة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل بأن سياسة «الضغط الأقصى» أو الضربات الجراحية لن تجبر طهران على التخلي عن طموحاتها النووية. كما يلقي هذا الحدث بظلاله على مستقبل أي مفاوضات محتملة لإحياء الاتفاق النووي، حيث يثبت أن المعادلة الأمنية في الشرق الأوسط لا تزال هشة للغاية، وأن أي تصعيد عسكري قد يجر المنطقة إلى مواجهة أوسع نطاقاً، خاصة في ظل تعثر الحلول الدبلوماسية وغياب الثقة بين الأطراف المتنازعة.

spot_imgspot_img