أعربت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية عن إدانتها الشديدة واستنكارها البالغ للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت الأراضي السورية، واصفة إياها بأنها انتهاك صارخ لسيادة دولة عربية عضو في الجامعة، وخرق واضح لكافة المواثيق والقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وأكدت الجامعة في بيانها أن استمرار هذه الهجمات لا يهدد أمن سوريا فحسب، بل يلقي بظلاله القاتمة على استقرار المنطقة برمتها، مما يستدعي وقفة دولية جادة.
ويأتي هذا الموقف العربي الحازم في سياق رفض مطلق لاستباحة الأجواء السورية، حيث شددت الجامعة على أن هذه العمليات العسكرية تمثل تعدياً سافراً على سلامة الأراضي السورية وتهديداً مباشراً لأرواح المدنيين وممتلكاتهم. وطالبت الجامعة المجتمع الدولي، وعلى رأسه مجلس الأمن، بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية للضغط على إسرائيل لوقف هذه الانتهاكات المستمرة، محذرة من مغبة الصمت الدولي الذي قد يُفسر على أنه ضوء أخضر لاستمرار العدوان.
ومن الناحية التاريخية، دأبت إسرائيل خلال السنوات الماضية، وتحديداً منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، على تنفيذ مئات الضربات الجوية داخل سوريا. وتتذرع تل أبيب عادة باستهداف مواقع تابعة لقوات إيرانية أو شحنات أسلحة موجهة لحزب الله اللبناني، إلا أن هذه الهجمات طالت في كثير من الأحيان بنى تحتية مدنية حيوية، بما في ذلك مطاري دمشق وحلب الدوليين، مما أدى لتعطيل حركة الملاحة الجوية وتكبيد الاقتصاد السوري خسائر فادحة، فضلاً عن سقوط ضحايا من العسكريين والمدنيين.
ويكتسب هذا التنديد أهمية خاصة في ظل التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها المنطقة، وأبرزها عودة سوريا لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية ومشاركتها في القمم العربية الأخيرة. ويعكس البيان التزام الدول العربية بمخرجات قمة جدة التي أكدت على ضرورة الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. ويشير المحللون إلى أن الموقف العربي الموحد تجاه هذه الاعتداءات يعد رسالة سياسية هامة تؤكد أن الأمن القومي العربي كلٌ لا يتجزأ.
وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، تزيد هذه الاعتداءات من حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني أصلاً من أزمات مركبة. ويحذر الخبراء الاستراتيجيون من أن استمرار سياسة «المعركة بين الحروب» التي تنتهجها إسرائيل قد يؤدي إلى انزلاق المنطقة نحو مواجهة عسكرية واسعة النطاق لا تحمد عقباها، خاصة في ظل تشابك المصالح الدولية والإقليمية على الساحة السورية.


