سجلت البيانات الاقتصادية الرسمية لشهر سبتمبر 2025 قفزة نوعية في أداء التجارة الخارجية، حيث أظهرت الإحصائيات ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة لافتة بلغت 21.7% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويأتي هذا النمو الملحوظ ليعكس نجاح الاستراتيجيات الاقتصادية الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد الكلي على العوائد النفطية، وهو ما يمثل ركيزة أساسية في خطط التحول الاقتصادي الوطني.
دلالات النمو في سياق رؤية 2030
لا يمكن قراءة هذا الارتفاع بمعزل عن السياق العام للتحولات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة، وتحديداً فيما يتعلق بمستهدفات رؤية المملكة 2030. يُعد هذا الرقم مؤشراً قوياً على فاعلية البرامج والمبادرات التي تم إطلاقها لدعم الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، مثل برنامج “صُنع في السعودية” وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب). إن الوصول إلى نسبة نمو تتجاوز 20% في شهر واحد يشير إلى نضوج القطاعات الإنتاجية وقدرتها المتزايدة على المنافسة في الأسواق العالمية.
تعزيز الميزان التجاري والاستقرار الاقتصادي
يحمل ارتفاع الصادرات غير البترولية أهمية قصوى للاقتصاد الكلي؛ فهو يساهم بشكل مباشر في تحسين الميزان التجاري غير النفطي، ويعزز من احتياطيات العملة الصعبة عبر قنوات مستدامة لا تتأثر بتقلبات أسواق الطاقة العالمية. لطالما كانت التذبذبات في أسعار النفط تشكل تحدياً للميزانيات العامة للدول المنتجة، وبالتالي فإن تعاظم دور الصادرات السلعية والخدمية الأخرى يوفر شبكة أمان اقتصادي ويضمن استدامة النمو المالي على المدى الطويل.
القطاعات القائدة للنمو
تشير التحليلات الاقتصادية لهذا النمو إلى نشاط ملحوظ في عدة قطاعات حيوية، أبرزها قطاع البتروكيماويات الذي يواصل الحفاظ على ميزته التنافسية، بالإضافة إلى قطاع المنتجات البلاستيكية والمطاط، ومواد البناء، والصناعات الغذائية. كما يلعب قطاع إعادة التصدير دوراً محورياً في هذه الأرقام، مستفيداً من الموقع الجغرافي الاستراتيجي وتطور البنية التحتية للموانئ والمناطق اللوجستية التي تم تحديثها لتكون مراكز ربط عالمية بين القارات الثلاث.
الآفاق المستقبلية والتأثير الإقليمي
من المتوقع أن يلقي هذا الأداء الإيجابي بظلاله على مناخ الاستثمار، حيث يعطي رسالة طمأنة للمستثمرين المحليين والأجانب بجدوى الاستثمار في القطاعات الصناعية والتحويلية. كما أن استمرار هذا المنحنى التصاعدي سيعزز من مكانة الاقتصاد الوطني كقوة صناعية صاعدة في الشرق الأوسط، مما يفتح آفاقاً أوسع للشراكات التجارية الدولية واتفاقيات التجارة الحرة في المستقبل القريب.


