spot_img

ذات صلة

مكالمة ترمب ومادورو: هل تتغير السياسة الأمريكية تجاه فنزويلا؟

أثارت الأنباء المتداولة حول تواصل محتمل أو مكالمة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، تساؤلات واسعة في الأوساط السياسية والدولية حول مستقبل العلاقات بين واشنطن وكاراكاس. يأتي هذا الحدث في توقيت حساس للغاية، حيث تتشابك ملفات الطاقة العالمية مع قضايا الهجرة والتوترات الجيوسياسية، مما يطرح فرضية إعادة تشكيل السياسة الأمريكية تجاه أمريكا اللاتينية.

خلفية تاريخية: من «الضغط الأقصى» إلى الدبلوماسية المحتملة

لفهم أهمية هذا التواصل، لا بد من العودة إلى الوراء قليلاً. خلال فترة رئاسته الأولى، تبنى دونالد ترمب سياسة «الضغط الأقصى» ضد نظام مادورو. شملت هذه السياسة فرض عقوبات اقتصادية خانقة على قطاع النفط الفنزويلي، والاعتراف بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً شرعياً للبلاد، بل والتلويح بالخيار العسكري في أكثر من مناسبة لإسقاط النظام الاشتراكي في فنزويلا. كانت العلاقات حينها في أدنى مستوياتها، حيث اعتبرت واشنطن مادورو «ديكتاتوراً» غير شرعي.

الدوافع الاقتصادية والنفطية

إن أي تحول في الموقف الأمريكي، سواء كان تأجيلاً لـ «الزحف» الدبلوماسي والعقابي أو تغييراً في التكتيك، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمتغيرات السوق العالمية. تمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، وفي ظل الاضطرابات التي تشهدها أسواق الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات في الشرق الأوسط، قد تبحث الولايات المتحدة عن بدائل لضمان استقرار الأسعار. يرى محللون أن ترمب، المعروف ببراغماتيته التجارية، قد ينظر إلى الملف الفنزويلي من زاوية المصالح الاقتصادية، حيث يمكن لصفقة ما أن تفتح الباب لشركات الطاقة الأمريكية للعودة بقوة إلى الحقول الفنزويلية.

ملف الهجرة والأمن القومي

لا يمكن فصل الشأن السياسي عن ملف الهجرة الذي يعد ركيزة أساسية في خطاب ترمب الانتخابي والسياسي. تعد فنزويلا مصدراً رئيسياً للمهاجرين غير الشرعيين المتجهين نحو الحدود الأمريكية الجنوبية نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتردية هناك. قد يكون التواصل مع مادورو محاولة للوصول إلى تفاهمات تضمن ضبط الحدود وتقليل تدفق المهاجرين مقابل تخفيف مشروط للعقوبات، وهو ما يخدم الأجندة الداخلية الأمريكية بشكل مباشر.

التأثير الجيوسياسي: إبعاد النفوذ الروسي والصيني

على الصعيد الدولي، تمثل فنزويلا موطئ قدم استراتيجي لكل من روسيا والصين في الفناء الخلفي للولايات المتحدة. استمرار سياسة العزل الأمريكي دفع كاراكاس للارتماء أكثر في أحضان موسكو وبكين. لذا، قد يرى المخططون الاستراتيجيون في واشنطن أن فتح قنوات اتصال، حتى لو كانت عبر مكالمات غير رسمية أو دبلوماسية خلفية، قد يكون ضرورياً لفك الارتباط الفنزويلي مع القوى المنافسة للولايات المتحدة، وإعادة فنزويلا تدريجياً إلى المدار الغربي.

في الختام، يبقى السؤال مفتوحاً: هل هذه المكالمة مجرد مناورة تكتيكية أم بداية لصفقة كبرى؟ الأكيد أن العلاقات الأمريكية الفنزويلية تقف أمام مفترق طرق، وأن لغة المصالح قد تعلو قريباً على لغة الأيديولوجيا والتهديدات العسكرية.

spot_imgspot_img