أكد وزير الإعلام السوري في تصريحات صحفية حازمة أن الحديث عن أي عملية سلام أو استقرار مستدام في المنطقة يظل مرهوناً بخطوات عملية ملموسة، وفي مقدمتها انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي تقدمت إليها مؤخراً، مشدداً على ضرورة العودة إلى الوضع الذي يضمن السيادة السورية. وأوضح الوزير أن التحركات العسكرية الإسرائيلية التي تلت تاريخ 8 ديسمبر تشكل عقبة رئيسية أمام أي جهود دبلوماسية، مشيراً إلى أن دمشق لن تقبل بفرض سياسة الأمر الواقع.
سياق التحولات الميدانية بعد 8 ديسمبر
تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه الجبهة الجنوبية لسوريا توترات غير مسبوقة منذ عقود. فبعد تاريخ 8 ديسمبر، الذي شكل منعطفاً تاريخياً في المشهد السوري الداخلي، استغلت إسرائيل حالة الفراغ الأمني المؤقت والتحولات السياسية المتسارعة للقيام بتحركات عسكرية داخل المنطقة العازلة وبعض النقاط الاستراتيجية في القنيطرة وجبل الشيخ. وتعتبر الحكومة السورية أن هذه التحركات تمثل خرقاً للخطوط الحمراء وتجاوزاً للاتفاقيات الدولية الناظمة للعلاقة بين الطرفين، مما يستدعي موقفاً دولياً حازماً لإلزام إسرائيل بالتراجع.
اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 والشرعية الدولية
من الناحية القانونية والتاريخية، يستند الموقف السوري إلى اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974، والتي رسمت خطوط الفصل بين القوات السورية والإسرائيلية وأقامت منطقة عازلة تشرف عليها قوات الأمم المتحدة (الأندوف). إن التوغل الإسرائيلي الأخير يعتبر، وفقاً للمراقبين الدوليين، تقويضاً لهذه الاتفاقية التي حافظت على هدوء نسبي في الجولان لأكثر من أربعة عقود. ويرى المحللون أن إصرار دمشق على الانسحاب ينبع من رغبتها في تثبيت شرعيتها الوطنية وحماية وحدة أراضيها، مؤكدة أن التغيير السياسي الداخلي في سوريا لا يسقط حق الدولة في استعادة أراضيها المحتلة أو الدفاع عن حدودها المعترف بها دولياً.
التأثيرات الإقليمية والدولية للموقف السوري
يحمل هذا الموقف السوري أبعاداً إقليمية بالغة الأهمية؛ إذ يرسل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي والقوى الإقليمية بأن سوريا، في عهدها الجديد، متمسكة بثوابتها الوطنية ولن تتهاون في ملف السيادة. كما يضع هذا التصريح الكرة في ملعب الأمم المتحدة والقوى الكبرى للضغط من أجل منع تفاقم الأوضاع، حيث أن استمرار التواجد العسكري الإسرائيلي في المواقع الجديدة قد يؤدي إلى احتكاكات عسكرية مباشرة تهدد الأمن الإقليمي برمته. وتنظر العواصم العربية والغربية بترقب إلى كيفية تعاطي إسرائيل مع هذه المطالب، خاصة في ظل الدعوات الدولية لضبط النفس وتجنب فتح جبهات صراع جديدة في الشرق الأوسط.


