كشفت أحدث التقارير الصحية والإحصائيات الطبية في المملكة العربية السعودية عن تصدر منطقة حائل لقائمة المناطق الأكثر انتشاراً لمرض السكري، في مؤشر صحي يستدعي الوقوف عنده ودراسة مسبباته. ولم يقتصر الأمر على ارتفاع معدلات الإصابة فحسب، بل أشارت البيانات إلى أن المنطقة تعد الأقل بين مناطق المملكة فيما يتعلق بالتحكم في المرض وضبط مستويات السكر في الدم لدى المصابين، مما يفتح الباب واسعاً أمام نقاشات طبية ومجتمعية حول نمط الحياة والوعي الصحي.
واقع السكري في حائل: أرقام وتحديات
يأتي هذا التصنيف ليعكس تحدياً صحياً كبيراً يواجه القطاع الصحي في منطقة حائل، حيث يرتبط ضعف التحكم بالمرض عادةً بارتفاع معدلات السكر التراكمي (HbA1c) لدى المرضى، مما يزيد من احتمالية التعرض لمضاعفات صحية خطيرة مثل أمراض القلب، والفشل الكلوي، واعتلال الشبكية. ويعزو الخبراء هذا الارتفاع وضعف السيطرة إلى جملة من العوامل المتداخلة، أبرزها العوامل الوراثية، ونمط الحياة الذي يميل إلى الخمول وقلة النشاط البدني، بالإضافة إلى العادات الغذائية التي تعتمد بشكل كبير على النشويات والسكريات.
السياق الوطني: السكري في السعودية
لا يمكن فصل ما يحدث في حائل عن المشهد الصحي العام في المملكة العربية السعودية، التي تُصنف عالمياً ضمن الدول ذات المعدلات المرتفعة في الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. وقد شهدت المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية تحولات اقتصادية واجتماعية سريعة أدت إلى تغيير جذري في نمط الحياة، حيث انخفض الجهد البدني المبذول في الحياة اليومية وزاد استهلاك الأطعمة السريعة والمعالجة، مما ساهم في ارتفاع معدلات السمنة التي تعد المحرك الرئيسي للإصابة بالسكري.
الأهمية والتأثير المتوقع
يحمل هذا الخبر أهمية بالغة على المستويين المحلي والوطني، حيث يشكل مرض السكري عبئاً اقتصادياً كبيراً على النظام الصحي بسبب تكاليف العلاج المباشرة وتكاليف علاج المضاعفات طويلة الأمد. ومن المتوقع أن يؤدي تسليط الضوء على وضع منطقة حائل إلى تكثيف الحملات التوعوية الموجهة، وزيادة عدد المراكز المتخصصة في علاج السكري والغدد الصماء في المنطقة، بالإضافة إلى تعزيز برامج “جودة الحياة” ضمن رؤية المملكة 2030 التي تهدف لرفع مستوى ممارسة الرياضة وتعزيز الصحة العامة.
جهود المكافحة والوقاية
تعمل وزارة الصحة السعودية بشكل مستمر على مواجهة هذا التحدي من خلال مبادرات متعددة مثل حملة “اعرف أرقامك” وتطبيق “صحتي” الذي يسهل متابعة الحالات المزمنة. ويؤكد الأطباء أن الحل الأمثل لتحسين واقع السكري في حائل وباقي المناطق يكمن في التزام المرضى بالفحوصات الدورية، والالتزام بالخطة العلاجية، والأهم من ذلك تبني نمط حياة نشط وصحي للوقاية من المرض قبل حدوثه أو للتعايش معه بأمان.


