في تصريح أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية الدولية، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب أن العالم بات قريباً جداً من سماع أخبار حول إعلان اتفاق ينهي الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا. ويأتي هذا التصريح ليعزز السردية التي طالما تبناها ترمب خلال حملاته الانتخابية ولقاءاته الصحفية، حيث أكد مراراً قدرته على إنهاء الحرب في وقت قياسي بفضل علاقاته الدبلوماسية وأسلوبه التفاوضي المختلف عن الإدارة الحالية.
السياق العام والخلفية التاريخية للصراع
لفهم أهمية هذا التصريح، يجب العودة إلى جذور الأزمة التي تفجرت بشكل واسع في فبراير 2022، عندما شنت روسيا عملية عسكرية واسعة النطاق ضد أوكرانيا. تحول هذا النزاع سريعاً إلى أكبر حرب برية تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف من الجانبين، وتسبب في نزوح الملايين من الأوكرانيين داخلياً وخارجياً. وعلى مدار السنوات الماضية، وصلت المعارك إلى حالة من الجمود الاستراتيجي في بعض الجبهات، مع استمرار حرب الاستنزاف التي أنهكت قدرات الطرفين العسكرية والاقتصادية، وسط دعم غربي مستمر لكييف وعقوبات اقتصادية غير مسبوقة على موسكو.
رؤية ترمب للحل السلمي
لطالما انتقد ترمب حجم المساعدات العسكرية والمالية الهائلة التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا، مشيراً إلى ضرورة توجيه هذه الموارد للداخل الأمريكي. ويرى مراقبون أن “الاتفاق” الذي يلمح إليه ترمب قد يتضمن تنازلات صعبة من كلا الطرفين، وربما يشمل تجميد الوضع الحالي على الجبهات أو التفاوض حول وضع المناطق التي ضمتها روسيا، وهو ما يواجه عادة برفض قاطع من القيادة الأوكرانية التي تتمسك باستعادة كامل أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.
التأثيرات المتوقعة محلياً ودولياً
إن التوصل إلى اتفاق فعلي بين موسكو وكييف سيحدث زلزالاً جيوسياسياً واقتصادياً. على الصعيد الاقتصادي، من المتوقع أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى استقرار أسواق الطاقة العالمية وانخفاض أسعار النفط والغاز، بالإضافة إلى حل أزمة الحبوب التي هددت الأمن الغذائي في العديد من الدول النامية. أما سياسياً، فإن نجاح ترمب أو أي وساطة دولية في إنهاء الحرب سيعيد تشكيل التحالفات الدولية، وقد يؤدي إلى تخفيف التوتر بين روسيا وحلف الناتو، مما يجنب العالم شبح الانزلاق نحو مواجهة نووية أو حرب عالمية ثالثة.
ويبقى السؤال الأهم معلقاً حول تفاصيل هذا الاتفاق المحتمل، ومدى قبول الأطراف المتنازعة للشروط المطروحة، وهل هو اتفاق سلام دائم أم مجرد هدنة مؤقتة لالتقاط الأنفاس؟ الأيام القادمة ستكون كفيلة بكشف ما إذا كانت تصريحات ترمب تستند إلى حقائق ملموسة أم أنها جزء من الضغط السياسي والمناورات الانتخابية.


