تكثف الأطراف الدولية والإقليمية جهودها الدبلوماسية في الوقت الراهن من أجل الدفع قدماً نحو تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة في قطاع غزة، وذلك في إطار المساعي المستمرة لإنهاء الحرب المستمرة منذ عدة أشهر. ويقود هذه الجهود الوسطاء الرئيسيون، وهم مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، بهدف تقريب وجهات النظر بين طرفي الصراع والوصول إلى صيغة توافقية تضمن وقفاً مستداماً لإطلاق النار.
سياق المفاوضات والمرحلة الثانية
تأتي هذه المباحثات الحساسة استكمالاً لجولات طويلة من التفاوض، حيث يركز الوسطاء حالياً على الانتقال من التهدئة المؤقتة أو المحدودة إلى مرحلة أكثر شمولاً. وتتضمن المرحلة الثانية، وفقاً للتسريبات والمقترحات المتداولة في الأوساط السياسية، بنوداً تتعلق بانسحاب القوات العسكرية، وعودة النازحين إلى مناطق سكنهم، بالإضافة إلى ملف تبادل الأسرى والمحتجزين الذي يعتبر العقدة الأبرز في سير المفاوضات. ويسعى الوسطاء لتذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ هذه البنود، خاصة في ظل التباين الكبير في الشروط بين الجانبين.
الخلفية التاريخية والأبعاد الإنسانية
لا يمكن فصل هذه التحركات عن السياق العام للأحداث التي اندلعت منذ السابع من أكتوبر، والتي أدت إلى دمار واسع في البنية التحتية لقطاع غزة وأزمة إنسانية غير مسبوقة. وقد شهدت الأشهر الماضية محاولات عديدة لإرساء هدن إنسانية، نجح بعضها لفترات قصيرة، إلا أن الحاجة الملحة الآن تكمن في حل جذري يوقف نزيف الخسائر البشرية ويسمح بتدفق المساعدات الإغاثية والطبية بشكل كافٍ لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المنظومة الصحية والخدمية في القطاع.
الأهمية الإقليمية والدولية للاتفاق
يكتسب نجاح الوسطاء في تمرير المرحلة الثانية من الاتفاق أهمية قصوى تتجاوز حدود غزة؛ إذ ينظر المجتمع الدولي إلى هذا الاتفاق كصمام أمان لمنع توسع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط. وتخشى القوى الكبرى من أن يؤدي استمرار العمليات العسكرية دون أفق سياسي إلى انزلاق جبهات أخرى، مثل الجبهة الشمالية أو منطقة البحر الأحمر، إلى حرب مفتوحة قد تهدد الأمن والسلم الدوليين وحركة التجارة العالمية.
وفي الختام، تظل الأنظار معلقة بما ستسفر عنه الاجتماعات المغلقة بين الوسطاء، حيث يمثل الانتقال للمرحلة الثانية بارقة أمل لإنهاء المعاناة الإنسانية، رغم التحديات الكبيرة والتعقيدات الميدانية والسياسية التي تحيط بالمشهد الراهن.
