أصدر معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد توجيهاً هاماً لكافة الخطباء في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، يقضي بتخصيص خطبة الجمعة القادمة للحديث عن موضوع حيوي يمس أمن واستقرار المجتمع، وهو تعزيز قيم النزاهة ومحاربة الفساد بكافة صوره وأشكاله. ويأتي هذا التوجيه في إطار الدور التوعوي والإرشادي الذي تضطلع به الوزارة ومنابرها لتسليط الضوء على القضايا التي تهم الوطن والمواطن.
تفاصيل التوجيه الوزاري ومضامين الخطبة
تضمن التوجيه التأكيد على أهمية تناول الخطباء للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة التي تحرم الفساد والاعتداء على المال العام، وتجرم الغلول والخيانة. وشدد التوجيه على ضرورة بيان أن حماية المال العام واجب ديني ووطني، وأن الإبلاغ عن المفسدين يعد شكلاً من أشكال التعاون على البر والتقوى، وليس من باب الوشاية المحرمة، بل هو ركيزة أساسية لحفظ مقدرات الوطن ومكتسباته للأجيال القادمة.
السياق الوطني ورؤية المملكة 2030
لا يمكن فصل هذا التوجيه عن السياق العام الذي تعيشه المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030، التي وضعت الشفافية والنزاهة كأحد ركائزها الأساسية. فقد شهدت المملكة في السنوات الأخيرة حراكاً غير مسبوق في مجال مكافحة الفساد، بقيادة هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة)، حيث تم ترسيخ مبدأ “لا حصانة لفاسد” كواقع ملموس. وتأتي مشاركة المنابر الدينية لتعزز هذا التوجه الحكومي، مؤكدة على التناغم الكبير بين المؤسسة الدينية والتوجهات الإصلاحية للدولة، لترسيخ ثقافة المساءلة والرقابة الذاتية.
الأهمية الدينية والاجتماعية لمحاربة الفساد
من الناحية الشرعية، يعتبر الإسلام النزاهة خلقاً رفيعاً وجزءاً لا يتجزأ من إيمان المسلم. فالفساد الإداري والمالي لا يضر فقط بالاقتصاد، بل يفتك بالنسيج الاجتماعي ويضعف الثقة بين أفراد المجتمع ومؤسساته. لذا، فإن استثمار خطبة الجمعة، بما لها من مكانة روحية وتأثير واسع في نفوس المصلين، يعد خطوة استراتيجية لغرس الوازع الديني الذي يمنع الإنسان من الانزلاق في مهاوي الفساد، حتى في غياب الرقيب البشري.
التأثير المتوقع ودور المواطن
من المتوقع أن يسهم هذا الطرح الموحد عبر آلاف المنابر في رفع مستوى الوعي لدى المواطنين والمقيمين بخطورة الفساد وآثاره المدمرة على التنمية. كما يهدف إلى تشجيع المجتمع على التفاعل الإيجابي مع الجهات الرقابية، واعتبار كل مواطن “رجل أمن” مسؤول عن حماية وطنه. إن تضافر الجهود بين التوجيه الديني والإجراءات القانونية يشكل حصناً منيعاً يحمي المجتمع، ويؤسس لبيئة عمل نظيفة ومجتمع متمسك بقيمه الأخلاقية والوطنية.


