كشفت مصادر مطلعة لصحيفة «عكاظ» عن توجهات جديدة داخل أروقة وزارة التعليم تهدف إلى تقليص عدد من الصلاحيات الممنوحة لمديري التعليم في المناطق والمحافظات، وذلك كخطوة استباقية وتمهيدية لمرحلة «التحول» الكبرى التي يشهدها القطاع التعليمي في المملكة العربية السعودية. وتأتي هذه الخطوة في إطار إعادة هيكلة الإجراءات الإدارية لضمان انسيابية الانتقال إلى النماذج التشغيلية الجديدة.
سياق التحول الوطني ورؤية 2030
لا يمكن قراءة هذا القرار بمعزل عن السياق العام الذي تعيشه المملكة تحت مظلة «رؤية 2030»، وتحديداً برنامج التحول الوطني الذي يولي قطاع التعليم أهمية قصوى. تسعى الوزارة من خلال هذه التحركات إلى حوكمة العمليات الإدارية وفصل الدور التنظيمي عن الدور التشغيلي. تاريخياً، كانت إدارات التعليم تتمتع بصلاحيات واسعة في الجوانب التشغيلية والمالية، إلا أن التوجه الحديث يميل نحو المركزية في التخطيط واللامركزية المنضبطة في التنفيذ عبر شركات متخصصة أو وحدات مستقلة، مما يستدعي سحب بعض الصلاحيات مؤقتاً لإعادة هندستها.
من التشغيل إلى التنظيم
يعد هذا التوجه جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحويل الوزارة من مشغل للمدارس إلى منظم ومراقب للعملية التعليمية. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية خطوات متسارعة في هذا الاتجاه، بدءاً من إسناد خدمات النقل والمباني والصيانة إلى شركة «تطوير»، وصولاً إلى الحديث عن خصخصة بعض الخدمات التعليمية. تقليص الصلاحيات في هذا التوقيت يُقرأ على أنه ترتيب للأوراق لضمان عدم تداخل الاختصاصات عند إطلاق النموذج التشغيلي الجديد للمدارس.
الأهمية والتأثير المتوقع
يحمل هذا الإجراء أهمية بالغة على المستويين الإداري والتربوي؛ فمن الناحية الإدارية، سيساهم في توحيد المعايير وتقليل التباين في القرارات بين منطقة وأخرى، مما يعزز من العدالة والشفافية. أما على الصعيد التربوي، فمن المتوقع أن يؤدي هذا التحول إلى تركيز إدارات المدارس ومكاتب التعليم على الجانب الفني والتحصيلي للطلاب، بدلاً من الانشغال بالأعباء الإدارية والبيروقراطية التي كانت تستنزف جزءاً كبيراً من وقت القيادات التعليمية.
ختاماً، تمثل هذه الخطوات جزءاً من حراك تطويري شامل يهدف إلى رفع كفاءة الإنفاق وتحسين مخرجات التعليم لتتواكب مع متطلبات سوق العمل المحلي والدولي، مما يضع التعليم السعودي في مسار تنافسي عالمي جديد.
