أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية (نزاهة)، عن مباشرة عدد من القضايا الجنائية والإدارية خلال الفترة الماضية، والتي أسفرت عن التحقيق مع 371 متهماً، وإيقاف 113 مواطناً ومقيماً، منهم من أطلق سراحه بالكفالة الضامنة، وذلك لتورطهم في جرائم متنوعة شملت الرشوة، واستغلال النفوذ الوظيفي، وغسل الأموال، والتزوير.
وتأتي هذه الحملة الجديدة استمراراً للنهج الحازم الذي تتبعه الهيئة في تعقب وملاحقة كل من تسول له نفسه التعدي على المال العام أو استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب شخصية غير مشروعة. وقد شملت التحقيقات موظفين من عدة قطاعات حكومية، مما يؤكد شمولية الرقابة وعدم استثناء أي جهة من المساءلة القانونية.
سياق الحرب على الفساد ورؤية 2030
لا يمكن قراءة هذه الأرقام بمعزل عن السياق العام الذي تعيشه المملكة العربية السعودية منذ إطلاق «رؤية 2030». فقد وضعت القيادة السعودية، ممثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، مكافحة الفساد على رأس الأولويات الوطنية. وتُعد مقولة ولي العهد الشهيرة: «لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد كائناً من كان»، ركيزة أساسية في السياسة الداخلية للمملكة، حيث تحولت هذه الكلمات إلى واقع ملموس من خلال الحملات المستمرة التي لا تفرق بين مسؤول كبير أو موظف صغير.
وتعمل «نزاهة» وفق استراتيجية وطنية تهدف إلى حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية، ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه. وقد ساهمت هذه الجهود في السنوات الأخيرة في استعادة مليارات الريالات إلى خزينة الدولة، وتفكيك شبكات فساد كانت تنخر في جسد المؤسسات الخدمية والتنموية.
الأهمية الاقتصادية والتأثير المتوقع
تكتسب هذه الإجراءات أهمية بالغة تتجاوز البعد الجنائي والقانوني لتصل إلى الأثر الاقتصادي والتنموي. فمحاربة الفساد تعد شرطاً أساسياً لجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، حيث يبحث المستثمرون دائماً عن بيئة عمل شفافة تخضع لسيادة القانون وتضمن المنافسة العادلة. ومن خلال ضرب أوكار الفساد، تعزز المملكة موقعها في مؤشرات الشفافية العالمية، مما يرفع من تصنيفها الائتماني ويزيد من ثقة المجتمع الدولي في اقتصادها المتنامي.
علاوة على ذلك، فإن حماية المال العام تضمن توجيه موارد الدولة نحو المشاريع التنموية الحقيقية التي تخدم المواطن بشكل مباشر، سواء في البنية التحتية، أو الصحة، أو التعليم، بدلاً من هدرها في قنوات غير مشروعة. وتؤكد الهيئة باستمرار أنها ماضية في تطبيق ما يقضي به النظام بحق المتجاوزين دون تهاون، داعية المواطنين والمقيمين إلى التعاون والإبلاغ عن أي شبهات فساد عبر القنوات الرسمية المتاحة، باعتبارهم الشريك الأول في هذه المعركة الوطنية.


