spot_img

ذات صلة

توظيف 151 ألف مواطن في قطاع الصناعة والتعدين بدعم ملياري

شهد قطاع الصناعة والتعدين في المملكة العربية السعودية قفزة نوعية غير مسبوقة في معدلات التوطين والتوظيف، حيث كشفت أحدث الإحصائيات الرسمية عن نجاح القطاع في توظيف أكثر من 151 ألف مواطن ومواطنة. ويأتي هذا الإنجاز مدعوماً ببرامج تمويلية وتحفيزية تجاوزت قيمتها حاجز المليار ريال، مما يعكس التزام الجهات المعنية بتنفيذ مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى خفض معدلات البطالة وتمكين الكوادر الوطنية.

سياق الرؤية والتحول الاقتصادي

لا يمكن قراءة هذه الأرقام بمعزل عن السياق العام للتحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة. فمنذ إطلاق رؤية 2030، وضعت القيادة ملف "توطين الصناعة" على رأس أولوياتها، معتبرة إياه ركيزة أساسية لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الكلي على النفط. ويُعد برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب) أحد أهم البرامج التنفيذية للرؤية، حيث يهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية، مما يستلزم بالضرورة بناء قاعدة صلبة من الكوادر البشرية الوطنية المؤهلة لقيادة هذا التحول.

أهمية قطاع التعدين كركيزة ثالثة

يكتسب هذا الإنجاز أهمية خاصة بالنظر إلى التركيز الكبير على قطاع التعدين، الذي يوصف بأنه "الركيزة الثالثة" للصناعة السعودية بعد النفط والغاز والبتروكيماويات. إن ضخ أكثر من مليار ريال لدعم التوظيف في هذا القطاع لا يهدف فقط إلى ملء الشواغر الوظيفية، بل يسعى إلى توطين المعرفة والتقنية في مجالات استخراج الثروات المعدنية ومعالجتها. هذا التوجه الاستراتيجي يعزز من الأمن الاقتصادي للمملكة ويفتح آفاقاً واسعة للصناعات التحويلية التي تعتمد على المعادن، مما يخلق سلاسل إمداد محلية متكاملة.

الدور المحوري لصندوق تنمية الموارد البشرية

لعبت برامج الدعم المالي والتدريبي، التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) بالشراكة مع منظومة الصناعة والثروة المعدنية، دوراً حاسماً في تحقيق هذه الأرقام. حيث يساهم الدعم المالي في تحمل جزء من أجور الموظفين السعوديين، بالإضافة إلى برامج التدريب على رأس العمل التي تضمن تزويد الشباب بالمهارات الفنية الدقيقة التي تتطلبها المصانع الحديثة ومواقع التعدين. هذا التكامل بين الدعم المالي والتأهيل المهني ساهم في ردم الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل الصناعي.

التأثير الاقتصادي والاجتماعي المستدام

إن توظيف 151 ألف مواطن في قطاعات إنتاجية حيوية يتجاوز أثره مجرد الأرقام الإحصائية؛ فهو يمثل ضخاً لقوة شرائية جديدة في الاقتصاد المحلي، ويعزز من الاستقرار الاجتماعي للأسر السعودية. كما أن انخراط الشباب السعودي في بيئات عمل صناعية متطورة يساهم في تغيير الثقافة المهنية السائدة، ويعزز من قيم الإنتاجية والابتكار. وعلى المدى الطويل، ستؤدي هذه الخطوات إلى رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق تنمية مستدامة تعتمد على سواعد أبناء الوطن في إدارة وتشغيل المنشآت الصناعية الكبرى.

spot_imgspot_img