
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشكل رسمي أنه اتخذ قراره النهائي بشأن الشخصية التي ستتولى رئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، خلفاً للرئيس الحالي «جيروم باول». ويأتي هذا الإعلان لينهي حالة من الترقب في الأسواق المالية العالمية، خاصة في ظل الانتقادات العلنية والمتكررة التي وجهها ترمب لباول بسبب سياساته النقدية وتأخره في خفض أسعار الفائدة.
وفي تصريحات صحفية أدلى بها على متن طائرة الرئاسية أمس (الأحد)، قال ترمب بوضوح: «أعرف من سأختار، نعم سنعلن ذلك قريباً»، وفقاً لما نقلته وكالة «بلومبيرغ». وألمح الرئيس الأمريكي إلى أن المرشح القادم سيتبنى سياسة نقدية تتماشى مع رؤيته الاقتصادية، وتحديداً فيما يتعلق بإجراء تخفيضات في أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادي.
كيفن هاسيت.. الخيار الأقرب
نقلت تقارير إعلامية، وعلى رأسها «بلومبيرغ»، عن مصادر مطلعة داخل الدوائر المقربة من صنع القرار، أن الخيار المرجح لخلافة باول هو «كيفن هاسيت». يشغل هاسيت حالياً منصب مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض وكبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس، مما يجعله شخصية مألوفة وموثوقة لدى ترمب لتنفيذ أجندته الاقتصادية.
وكان وزير الخزانة الأمريكي «سكوت بيسنت»، الذي أشرف بشكل مباشر على عملية المفاضلة والاختيار، قد صرح في وقت سابق من الأسبوع الماضي بأن الإعلان عن اسم المرشح الجديد قد يتم قبل عطلة الكريسماس في الخامس والعشرين من ديسمبر الجاري، مما يشير إلى تسارع وتيرة الترتيبات للمرحلة الانتقالية في قيادة السياسة النقدية الأمريكية.
خلفية الصراع بين البيت الأبيض والفيدرالي
لفهم أهمية هذا القرار، يجب النظر إلى السياق التاريخي للعلاقة بين ترمب وجيروم باول. رغم أن ترمب هو من عين باول في ولايته الأولى، إلا أن العلاقة بينهما شهدت توترات حادة. يرى ترمب أن الفيدرالي يجب أن يكون أكثر مرونة في خفض الفائدة لدعم الشركات والمستهلكين، بينما تمسك باول باستقلالية البنك المركزي، مركزاً على مكافحة التضخم عبر رفع الفائدة، وهو ما اعتبره ترمب عائقاً أمام النمو الاقتصادي السريع الذي وعد به ناخبيه.
أهمية المنصب وتأثيره العالمي
تكتسب هوية رئيس الاحتياطي الفيدرالي أهمية قصوى لا تقتصر على الداخل الأمريكي فحسب، بل تمتد لتشمل الاقتصاد العالمي بأسره. يُعد هذا المنصب أحد أكثر الوظائف تأثيراً في العالم المالي، حيث تتحكم قرارات الفيدرالي في قوة الدولار الأمريكي، وتكلفة الاقتراض للدول والشركات حول العالم، وتدفقات الاستثمار الأجنبي.
ومن المتوقع أن يؤدي تعيين شخصية موالية لنهج ترمب الاقتصادي، مثل كيفن هاسيت، إلى تبني سياسة «التيسير النقدي» وخفض الفائدة بوتيرة أسرع. هذا التوجه قد ينعش أسواق الأسهم الأمريكية ويقلل تكلفة القروض العقارية والاستهلاكية محلياً، ولكنه في المقابل قد يثير مخاوف بشأن عودة معدلات التضخم للارتفاع إذا لم يتم ضبط السيولة بدقة. إقليمياً ودولياً، قد يؤدي خفض الفائدة الأمريكية إلى تراجع قيمة الدولار نسبياً، مما يخفف الضغط على عملات الأسواق الناشئة ويشجع الاستثمار في الأصول ذات المخاطر العالية.


