spot_img

ذات صلة

تايوان تفاوض أمريكا لخفض الجمارك واستثمارات الرقائق

مفاوضات تجارية بين تايوان والولايات المتحدة

في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية وتخفيف الأعباء الاقتصادية، كشفت تقارير إعلامية غربية أن تايوان تسعى بشكل حثيث إلى خفض التعريفات الجمركية المفروضة على صادراتها إلى الولايات المتحدة، لتصبح 15% بدلاً من النسبة الحالية البالغة 20%. وتأتي هذه التحركات في وقت تشهد فيه العلاقات الاقتصادية بين الجانبين تطورات متسارعة، لا سيما في قطاع التكنولوجيا المتقدمة.

تفاصيل العرض التايواني والموقف الأمريكي

أوضح مسؤولون تايوانيون أن المفاوضات الجارية لا تتضمن شروطاً مباشرة تلزم تايوان بالمساعدة في تدريب العمال الأمريكيين كجزء من الصفقة التجارية، وهو ما يزيل بعض اللبس حول طبيعة الالتزامات المتبادلة. وبدلاً من ذلك، قدمت تايوان، التي تتربع على عرش صناعة أشباه الموصلات عالمياً، عرضاً استراتيجياً للولايات المتحدة يتمثل في نقل “النموذج التايواني” الناجح. يهدف هذا العرض إلى مساعدة واشنطن في تكرار تجربة الجزيرة الرائدة في بناء مجتمعات تقنية متكاملة حول المتنزهات العلمية المخصصة، مما يخلق بيئة حاضنة للابتكار الصناعي.

في المقابل، أشارت مصادر مقربة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الأسبوع الماضي إلى أن المفاوضات قد تتجه نحو إلزام تايوان بضخ استثمارات جديدة وتدريب الكوادر الأمريكية في صناعة الرقائق وغيرها من الصناعات المتقدمة، وذلك في إطار سعي الإدارة الأمريكية لتعزيز شعار “صنع في أمريكا” واستعادة الوظائف الصناعية.

استثمارات ضخمة وسياق استراتيجي

تتزامن هذه المفاوضات مع تحركات فعلية على الأرض، حيث تواصل شركة «تي إس إم سي» (TSMC)، أكبر مصنع للرقائق في العالم، ضخ استثمارات هائلة تقدر بنحو 165 مليار دولار في الولايات المتحدة لإنشاء مصانع متطورة في ولاية أريزونا. هذه الاستثمارات لا تعد مجرد أرقام اقتصادية، بل هي جزء من تحول استراتيجي عالمي في سلاسل التوريد.

خلفية الصراع وأهمية أشباه الموصلات

تكتسب هذه المفاوضات أهميتها القصوى من السياق العالمي الحالي، حيث تعد أشباه الموصلات (الرقائق الإلكترونية) بمثابة “النفط الجديد” في القرن الحادي والعشرين. فهي العصب الرئيسي لكل الصناعات الحديثة، من الهواتف الذكية والسيارات إلى الأنظمة العسكرية والذكاء الاصطناعي. وتسعى الولايات المتحدة جاهدة لتقليل اعتمادها على سلاسل التوريد الآسيوية وضمان أمنها القومي التقني من خلال توطين هذه الصناعة الحيوية.

ويرى مراقبون أن خفض التعريفات الجمركية قد يكون حافزاً لتايوان لمزيد من التكامل مع الاقتصاد الأمريكي، في حين تضغط واشنطن لضمان أن هذا التكامل يصب في مصلحة سوق العمل الأمريكي والبنية التحتية الصناعية، مما يجعل هذه المفاوضات نقطة توازن دقيقة بين المصالح التجارية والأهداف الجيوسياسية.

spot_imgspot_img