منذ توليه القيادة الفنية لنادي الهلال السعودي في يونيو 2025، يسطر المدرب الإيطالي سيموني إنزاغي فصلاً جديداً ومثيراً في مسيرته التدريبية، محققاً انطلاقة توصف بـ «التاريخية» مع الزعيم الآسيوي. لم تكن هذه البداية مجرد سلسلة من الانتصارات العابرة، بل جاءت لترسخ مفاهيم المدرسة الإيطالية العريقة في الملاعب السعودية، وسط تحديات جمة واجهت الفريق الأزرق.
فلسفة إنزاغي.. الواقعية في مواجهة الإمتاع
يُعرف سيموني إنزاغي، الذي صال وجال في الملاعب الأوروبية وحقق نجاحات بارزة مع أندية مثل إنتر ميلان ولاتسيو، بأسلوبه التكتيكي المرن الذي يعتمد غالباً على رسم 3-5-2 ومشتقاته. هذه الفلسفة التي نقلها معه إلى الرياض، ترتكز على التوازن الدقيق بين الصلابة الدفاعية والتحولات الهجومية الخاطفة. ورغم أن هذا الأسلوب قد لا يروق للبعض ممن اعتادوا على الكرة الهجومية الشاملة، إلا أن نتائجه مع الهلال تتحدث عن نفسها، حيث نجح في تحويل الفريق إلى منظومة صلبة يصعب اختراقها، وهو ما يعكس خبرته الكبيرة في إدارة المباريات الكبرى وحصد الكؤوس.
لغة الأرقام: هيمنة زرقاء مطلقة
بالنظر إلى الإحصائيات الرسمية، خاض الهلال تحت قيادة إنزاغي 16 مباراة في مختلف المسابقات (دوري روشن للمحترفين، دوري أبطال آسيا للنخبة، وكأس خادم الحرمين الشريفين). النتائج كانت مذهلة بكل المقاييس:
- عدد المباريات: 16 مباراة.
- الانتصارات: 14 فوزاً متتالياً.
- التعادلات: مباراتان فقط (أمام القادسية والأهلي).
- سجل الهزائم: 0 هزيمة.
- القوة الهجومية: 42 هدفاً.
هذه الأرقام تأتي في ظل ظروف معقدة، شملت سلسلة من الإصابات التي ضربت ركائز الفريق الأساسية، بالإضافة إلى الإرهاق الناتج عن المشاركات الدولية للاعبين وضغط الروزنامة المحلية والقارية. ومع ذلك، أثبت إنزاغي قدرته على تدوير اللاعبين والحفاظ على نسق الانتصارات.
جدل الشارع الرياضي: بين انتقادات الجابر ودفاع الواقعيين
رغم هذه المسيرة الناصعة، لم يسلم المدرب الإيطالي من الانتقادات. فقد أثار أسلوب لعبه حفيظة جزء من الجماهير وبعض النقاد، وعلى رأسهم أسطورة الهلال سامي الجابر، الذي قارن بين «واقعية» إنزاغي و«شراسة» المدرب السابق البرتغالي جورجي جيسوس. يرى المنتقدون أن المباريات أصبحت «صعبة وغير مثيرة» وتفتقد للمتعة البصرية التي اعتاد عليها المدرج الأزرق، معتبرين أن الهلال يجب أن يفوز ويمتع في آن واحد.
في المقابل، يبرز تيار آخر يدافع بشراسة عن إنزاغي، مؤكدين أن ما يفعله هو «حماية للفريق من الكوارث» في ظل الغيابات المؤثرة. ويرى هؤلاء أن البطولات تُكسب بالدفاع القوي والنتائج المستقرة، وليس فقط بالأداء الاستعراضي. ومن جانبه، رد إنزاغي على هذا الجدل بعبارة مقتضبة تلخص منهجه: «الروح القتالية هي المفتاح، والتكتيك يتكيف مع الخصم»، مؤكداً أن الأهم هو استمرار الهلال في القمة محلياً وقارياً.


