أوضح خبير قانوني في تصريحات لصحيفة «عكاظ» أن الأنظمة السعودية تتعامل بحزم شديد مع قضايا التحريض وإثارة الرأي العام، مشيراً إلى أن العقوبات المقررة في هذا الشأن تصل إلى السجن لمدة 5 سنوات وغرامة مالية قدرها 3 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. ويأتي هذا التوضيح في سياق الجهود المستمرة لتعزيز الوعي القانوني لدى المواطنين والمقيمين حول خطورة استخدام المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي في بث الشائعات أو تأليب الرأي العام.
الأساس القانوني للعقوبة: نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية
تستند هذه العقوبات بشكل رئيسي إلى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية، وتحديداً المادة السادسة منه. وتنص هذه المادة على معاقبة كل من يقوم بإنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي. ويشمل مفهوم "التحريض" في هذا السياق كل دعوة تؤدي إلى الإخلال بالأمن المجتمعي أو التشكيك في ثوابت الدولة وقراراتها السيادية بطرق غير مشروعة.
سياق التشديد وتطور المنظومة العدلية
يأتي هذا التشديد في العقوبات متناغماً مع التطور الكبير الذي تشهده المنظومة العدلية والقضائية في المملكة، والتي تهدف إلى حماية المجتمع من الفوضى المعلوماتية. فمع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الفضاء الإلكتروني ساحة مفتوحة قد تُستغل من قبل البعض لبث الفرقة أو نشر معلومات مغلوطة تهدد السلم الأهلي. لذا، فإن المشرع السعودي حرص على وضع عقوبات رادعة لضمان استخدام التقنية بما يخدم المصلحة العامة ولا يضر بأمن الوطن.
أهمية الوعي القانوني وتأثيره المجتمعي
يشير الخبراء إلى أن الجهل بالقانون لا يعفي من المسؤولية، حيث يقع الكثير من المستخدمين تحت طائلة المساءلة القانونية بسبب إعادة نشر تغريدات أو مقاطع فيديو تتضمن محتوى محرضاً دون إدراك لخطورة هذا الفعل. وتعتبر عملية "إعادة الإرسال" (Retweet) أو النشر في المجموعات الخاصة بمثابة مساهمة في الجريمة وفقاً للتفسير القانوني للنظام. ويهدف هذا الحزم القانوني إلى خلق بيئة إلكترونية آمنة وموثوقة، تعزز من الاستقرار الاجتماعي وتدعم مسيرة التنمية التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030، حيث يعد الأمن والاستقرار الركيزة الأساسية لأي تطور اقتصادي أو سياحي.
دور النيابة العامة والجهات المختصة
تتولى النيابة العامة والجهات الأمنية المختصة رصد التجاوزات الإلكترونية وإحالة المتورطين إلى القضاء. وتؤكد هذه الجهات باستمرار على ضرورة استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية وعدم الانسياق خلف المعرفات المجهولة التي تهدف إلى إثارة الفتن. إن تطبيق هذه العقوبات لا يقتصر فقط على من ينشئ المحتوى، بل يمتد ليشمل كل من ساهم في نشره وتداوله، مما يضع مسؤولية كبيرة على عاتق كل فرد في المجتمع للتثبت قبل النشر.


