أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصدر أمراً تنفيذياً يوجه وزارتي الخارجية والمالية لبدء عملية مراجعة شاملة بهدف تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ”منظمة إرهابية أجنبية”. وتأتي هذه الخطوة لتجديد الضغوط على واحدة من أقدم الحركات الإسلامية وأكثرها انتشاراً في العالم، والتي تثير جدلاً واسعاً حول طبيعتها وأهدافها.
وينص الأمر التنفيذي على أن يقوم وزيرا الخارجية والمالية، بالتشاور مع المدعي العام ومدير الاستخبارات الوطنية، بتقديم تقرير مفصل حول إمكانية إدراج فروع محددة من جماعة الإخوان، خاصة تلك الناشطة في دول مثل مصر ولبنان والأردن، ضمن قوائم الإرهاب العالمية. وفي حال خلص التقرير إلى أن التصنيف مناسب، يمنح الأمر الوزيرين 45 يوماً لاتخاذ الإجراءات اللازمة لفرض عقوبات مشددة، تشمل تجميد الأصول وحظر التعاملات المالية ومنع أعضائها من دخول الولايات المتحدة.
السياق التاريخي والجدل حول الجماعة
تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 على يد حسن البنا، وسرعان ما انتشرت أفكارها في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي. تتبنى الجماعة أيديولوجية تسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية في كافة مناحي الحياة، وتتراوح أساليبها بين العمل الدعوي والاجتماعي والمشاركة السياسية، كما حدث بعد ثورات الربيع العربي في مصر وتونس. إلا أن تاريخها شابته اتهامات باللجوء إلى العنف، كما انشقت عنها أو تأثرت بها تنظيمات أكثر تطرفاً. هذا الانقسام في طبيعة الجماعة جعلها محل خلاف دولي؛ ففي حين تصنفها دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كمنظمة إرهابية، وتعتبرها تهديداً لاستقرارها، تقيم دول أخرى مثل تركيا وقطر علاقات وثيقة معها وتوفر الدعم لقياداتها.
الأهمية والتأثيرات المحتملة للقرار الأمريكي
إذا تم تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، فإن لذلك تداعيات كبرى على الصعيدين الإقليمي والدولي. فعلى المستوى المحلي داخل الولايات المتحدة، سيمنح القرار السلطات الفيدرالية صلاحيات واسعة لملاحقة أي أفراد أو كيانات تقدم الدعم المادي للجماعة، وهو ما قد يثير جدلاً حول منظمات المجتمع المدني الإسلامية التي يتهمها البعض بوجود صلات مع الإخوان. أما إقليمياً، فسيمثل القرار انتصاراً دبلوماسياً للحلفاء العرب للولايات المتحدة الذين يحاربون الجماعة، وسيزيد من عزلة الدول الداعمة لها. دولياً، قد يضغط القرار الأمريكي على الدول الأوروبية، التي تتعامل مع الجماعة كحركة سياسية، لإعادة تقييم موقفها. ويحذر بعض المحللين من أن هذه الخطوة قد تدفع بعض عناصر الجماعة نحو المزيد من التطرف، بدلاً من القضاء على خطرها.
وأشار بيان البيت الأبيض إلى أن إدارة ترامب تسعى من خلال هذا الإجراء إلى “مواجهة الشبكة العابرة للحدود لجماعة الإخوان المسلمين، التي تساهم في الإرهاب وزعزعة الاستقرار ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط”. ويأتي هذا التكليف بعد محاولة سابقة لإدارة ترامب في عام 2019 لدفع نفس التصنيف، لكنها واجهت معارضة من داخل البنتاغون ووزارة الخارجية آنذاك بسبب تعقيدات قانونية وسياسية.


