أشاد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، بالجهود الدبلوماسية التي يبذلها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بهدف إحلال السلام في السودان، معتبراً أن مبادرته تمثل فرصة حقيقية لتجنيب البلاد المزيد من الدمار وإنهاء الصراع الدائر. وأكد البرهان أن ولي العهد السعودي نجح في توضيح الصورة الحقيقية لما يدور في السودان للمجتمع الدولي، مشيراً إلى أن الشعب السوداني ينظر بتقدير لهذه المساعي.
خلفية الصراع وتداعياته
تأتي هذه التصريحات في ظل استمرار الصراع المدمر في السودان الذي اندلع في 15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”. نشأ النزاع نتيجة خلافات عميقة حول عملية دمج قوات الدعم السريع في الجيش، والتي كانت جزءاً أساسياً من خطة الانتقال إلى حكم مدني ديمقراطي بعد الإطاحة بنظام عمر البشير في عام 2019. وقد أدى الصراع إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق، حيث قُتل الآلاف وشُرد الملايين من ديارهم، مما وضع البلاد على حافة المجاعة وانهيار الخدمات الأساسية.
أهمية المبادرة السعودية وتأثيرها
تحظى المبادرة السعودية بأهمية خاصة نظراً للدور المحوري الذي تلعبه المملكة في المنطقة وتأثيرها الدبلوماسي. فمنذ بداية الأزمة، استضافت مدينة جدة محادثات بين طرفي النزاع برعاية سعودية-أمريكية، ورغم أنها لم تحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار، إلا أنها شكلت المنبر التفاوضي الأبرز. وأوضح البرهان أن “هذه المبادرة هي صوت الحق والمنطق”، مشدداً على أن أمن البحر الأحمر، الذي يمثل شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، يهم الجميع، مما يمنح الجهود السعودية بعداً استراتيجياً إقليمياً ودولياً. إن نجاح هذه المبادرة لن يساهم فقط في استقرار السودان، بل سيعزز أيضاً أمن الملاحة في أحد أهم الممرات المائية في العالم.
شروط الجيش لوقف إطلاق النار
وخلال اجتماعه مع كبار ضباط القوات المسلحة، كشف البرهان عن “خارطة طريق” قدمها الجيش للأطراف الإقليمية والدولية لحل الأزمة. وأكد أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يسبقه انسحاب قوات الدعم السريع من جميع المدن التي سيطرت عليها بعد اتفاقية جدة، بما في ذلك مدن رئيسية في دارفور وكردفان مثل زالنجي، الجنينة، الفاشر، ونيالا. وشدد على أن الجيش رفض مبادرات سابقة لأنها كانت “تبقي على قوات الدعم السريع ضمن المشهد”، وهو ما يعتبره الجيش أمراً غير مقبول. وأضاف البرهان: “لسنا دعاة حرب، ولكن لن نسمح لأحد بتهديدنا أو إملاء شروط علينا”. وأكد عزمه على استعادة كل الأراضي، واصفاً المعركة بأنها “معركة الكرامة لكل السودانيين”.
