spot_img

ذات صلة

توصيات مؤتمر الموسيقى العربية: توثيق التراث وإدراجه بالمناهج

في خطوة تاريخية تهدف إلى حماية الهوية الثقافية الفنية، أكد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA)، المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، على الأهمية القصوى لتوحيد الجهود العربية في مجال توثيق الموسيقى. جاء ذلك خلال فعاليات مؤتمر الموسيقى العربية الذي احتضنته العاصمة السعودية الرياض، حيث شدد آل الشيخ على أن هذا التجمع ليس مجرد حدث عابر، بل هو استجابة حتمية لمتطلبات المشهد الفني والبحثي في العالم العربي، واضعاً حجر الأساس لمشروع نهضوي شامل يهدف إلى دراسة الأنماط الموسيقية وتوثيق المقامات والإيقاعات بأسلوب علمي حديث.

أبعاد تاريخية واستراتيجية للمؤتمر

يكتسب هذا المؤتمر أهمية استثنائية كونه يبني على الإرث التاريخي للمحاولات السابقة لتوثيق الموسيقى الشرقية، وأبرزها مؤتمر القاهرة للموسيقى العربية عام 1932. إلا أن النسخة الحالية في الرياض تتميز بتوظيف التقنيات الحديثة والتحول الرقمي، مستفيدة من الإمكانات الهائلة التي يوفرها "استديو مرواس". ويهدف هذا الحراك إلى سد الفجوة بين التراث الشفهي والتوثيق الأكاديمي، حيث تسعى المملكة لقيادة حراك ثقافي يضمن عدم اندثار المقامات الشرقية الأصيلة، مع التطلع لشمولية التوثيق لتغطي المقامات في إيران والمنطقة الشرقية بأكملها، مما يعزز من مكانة الموسيقى العربية كمرجع عالمي.

توصيات جوهرية: من الأرشيف إلى المناهج الدراسية

تمخض المؤتمر، بعد ثمانية أشهر من العمل الدؤوب للجان متخصصة من مختلف الدول العربية وتركيا، عن حزمة من التوصيات الاستراتيجية. لعل أبرزها الدعوة الصريحة لإدراج التراث الموسيقي العربي بمختلف ألوانه في المناهج التعليمية، لضمان تواصل الأجيال الجديدة مع جذورهم الثقافية. كما تم التأكيد على ضرورة إنشاء أكاديمية عربية عليا للعلوم والفنون الموسيقية، لتكون منارة بحثية وتعليمية تعمل على تطوير المناهج الأكاديمية وربط الموسيقى العربية بالمعايير العلمية العالمية، بالإضافة إلى إطلاق مكتبات إلكترونية ومنصات تفاعلية تتيح للباحثين والمهتمين الوصول إلى هذا الإرث الغني بيسر وسهولة.

الدور السعودي وتكامل الجهود المؤسسية

أبرز المؤتمر الدور المحوري للمملكة العربية السعودية في هذا المشروع القومي، حيث أثمرت الجهود الميدانية للجنة السعودية عن توثيق 14 مقاماً حجازياً وأكثر من 160 إيقاعاً سعودياً، تم جمعها مباشرة من المؤدين المحليين في مختلف المناطق. وأشار المستشار تركي آل الشيخ إلى أن هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا التكامل والتنسيق العالي بين وزارة الثقافة والهيئة العامة للترفيه، مؤكداً أن المشاريع الكبرى تتطلب تكاتفاً مؤسسياً لضمان استدامتها وجودة مخرجاتها. ويهدف هذا المشروع في نهايته إلى أن تصبح الموسيقى العربية جزءاً أصيلاً من المراجع الأكاديمية في المعاهد الموسيقية حول العالم، مما يعزز القوة الناعمة العربية ويحفظ حقوق المبدعين عبر التاريخ.

spot_imgspot_img