أثارت تصريحات سياسي بريطاني بارز جدلاً واسعاً في الأوساط الدولية بعد حديثه عن ما أسماه “عملية ميداس”، والتي تتعلق بمستقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ظل التعقيدات العسكرية والسياسية التي تحيط بالمشهد في كييف. وتأتي هذه التوقعات في وقت تشهد فيه الساحة الأوكرانية تحولات دراماتيكية، مما يطرح تساؤلات جدية حول السيناريوهات المحتملة لنهاية الصراع الحالي أو مصير القيادة السياسية في أوكرانيا.
تفاصيل “عملية ميداس” والسيناريوهات المتوقعة
وفقاً للتصريحات المتداولة، فإن “عملية ميداس” تشير إلى خطة افتراضية أو سيناريو يتضمن خروج الرئيس الأوكراني من المشهد السياسي، سواء عبر مغادرة البلاد أو من خلال تغييرات داخلية جذرية. ويرى السياسي البريطاني أن الضغوط المتزايدة على الجبهات الأمامية، بالتزامن مع التحديات الاقتصادية، قد تدفع نحو هذا الاتجاه. التساؤل المركزي الذي يطرحه هذا الطرح هو: “إلى أين سيركض؟”، مشيراً إلى محدودية الخيارات المتاحة أمام القيادة الأوكرانية في حال تدهور الأوضاع بشكل متسارع.
السياق العام وتطورات الصراع الروسي الأوكراني
لفهم أبعاد هذه التصريحات، يجب النظر إلى السياق العام للحرب التي اندلعت في فبراير 2022. فبعد مرور فترة طويلة على بدء العمليات العسكرية، تحول الصراع من مواجهات سريعة إلى حرب استنزاف طويلة الأمد. ورغم الدعم الغربي الكبير الذي تلقته كييف في البداية، إلا أن تعثر الهجوم المضاد الأوكراني في تحقيق اختراقات استراتيجية كبرى أدى إلى تغيير في نبرة الخطاب السياسي لدى بعض الحلفاء الغربيين، وبدأت تظهر أصوات تشكك في جدوى استمرار الدعم المفتوح دون أفق سياسي واضح.
تراجع الدعم الغربي وتأثيره على القرار في كييف
من العوامل الحاسمة التي تعزز فرضيات مثل “عملية ميداس” هو التململ الذي بدأ يظهر في أروقة السياسة الأمريكية والأوروبية. فالخلافات داخل الكونغرس الأمريكي حول حزم المساعدات، والضغوط الاقتصادية التي تعاني منها دول الاتحاد الأوروبي، وضعت الرئيس زيلينسكي في موقف لا يحسد عليه. هذا التراجع في الزخم الدولي قد يجبر القيادة الأوكرانية على اتخاذ قرارات صعبة، أو قد يفتح الباب أمام سيناريوهات بديلة لم تكن مطروحة في بداية الحرب.
الأهمية الاستراتيجية وتداعيات الحدث
إن الحديث عن مصير زيلينسكي ليس مجرد تكهنات شخصية، بل يعكس قلقاً عميقاً حول مستقبل التوازنات الجيوسياسية في المنطقة. أي تغيير مفاجئ في هرم السلطة في أوكرانيا سيكون له تداعيات مباشرة على الأمن الأوروبي، ومستقبل حلف الناتو، والعلاقات مع روسيا. محلياً، قد يؤدي ذلك إلى فراغ سياسي أو صراعات داخلية بين النخب العسكرية والسياسية، بينما دولياً، قد يمهد الطريق لمفاوضات تسوية كانت مرفوضة سابقاً، أو يؤدي إلى تصعيد غير محسوب العواقب.
في الختام، تبقى هذه التصريحات جزءاً من الحرب النفسية والتحليلات السياسية التي ترافق الحروب الكبرى، إلا أنها تسلط الضوء على حقيقة لا يمكن تجاهلها: وهي أن استمرار الحرب بلا حسم عسكري واضح يضع جميع الأطراف، وخاصة القيادة في كييف، أمام خيارات وجودية صعبة.


