كشفت الهيئة العامة للطيران المدني، في أحدث تقاريرها الشهرية، عن رصد 1620 شكوى تقدم بها المسافرون ضد الناقلات الجوية العاملة في المملكة خلال فترة 30 يوماً. ويأتي هذا الإعلان كجزء من التزام الهيئة بوضع الجمهور والمهتمين في صورة مستوى الخدمات المقدمة، وترسيخ مبدأ الشفافية العالية بين شركات الطيران والمستفيدين، وهو نهج دأبت عليه الهيئة لضمان جودة قطاع النقل الجوي.
وأوضحت الهيئة أن آلية رصد الشكاوى تعتمد على معايير دقيقة، حيث يتم تصنيف الأداء وتحديد المؤشرات بناءً على عدد الشكاوى لكل 100 ألف مسافر. وتعد هذه المنهجية ضرورية لضمان عدالة القياس والمقارنة بين الشركات ذات الأحجام والسعات المقعدية المختلفة. وتصدرت قضايا استرجاع قيمة التذاكر، وإلغاء الرحلات، وتأخير مواعيد الإقلاع، إضافة إلى مشاكل فقدان أو تلف الأمتعة، قائمة الشكاوى الأكثر شيوعاً، وهي المحاور الأساسية التي تستند إليها الهيئة في قياس مدى التزام الشركات باللوائح التنظيمية.
تحديث اللوائح وحماية حقوق المسافرين
لا يمثل هذا الرصد مجرد إحصاء للأرقام، بل هو انعكاس لبيئة تنظيمية متطورة تشهدها المملكة. فقد عملت الهيئة العامة للطيران المدني مؤخراً على تحديث «لائحة حماية حقوق المسافرين»، التي دخلت حيز التنفيذ لتعزيز العلاقة التعاقدية بين المسافر والناقل الجوي. وتضمنت هذه اللوائح بنوداً صارمة وواضحة تلزم الشركات بتقديم تعويضات مادية ومعنوية في حالات التأخير الكبير، أو إلغاء الرحلات دون إشعار مسبق، أو ضياع الأمتعة. وتهدف هذه الخطوات إلى خلق توازن عادل يحفظ حقوق المستفيدين ويراعي في الوقت ذاته الالتزامات التشغيلية لشركات الطيران، مما يضمن تجربة سفر أكثر سلاسة وموثوقية.
الاستراتيجية الوطنية للطيران ورؤية 2030
يكتسب التقرير الشهري أهمية استراتيجية بالغة عند النظر إليه من منظور «الاستراتيجية الوطنية للطيران» المنبثقة عن رؤية المملكة 2030. فالمملكة تسعى بخطى حثيثة لتصبح مركزاً لوجستياً عالمياً يربط بين القارات الثلاث، مع مستهدفات طموحة للوصول إلى 330 مليون مسافر سنوياً وربط المطارات السعودية بـ 250 وجهة دولية بحلول عام 2030. وفي ظل هذه التطلعات، يصبح رضا المسافر وجودة الخدمات معياراً حاسماً لنجاح هذه الرؤية، حيث لا يمكن تحقيق النمو المستهدف في أعداد المسافرين والسياح دون ضمان تجربة سفر عالمية المستوى تتميز بالكفاءة والراحة.
تعزيز التنافسية ورفع جودة الخدمات
يؤدي النشر الدوري لمؤشرات الأداء وأعداد الشكاوى إلى خلق بيئة تنافسية صحية بين الناقلات الجوية الوطنية والأجنبية. فعندما يتاح للمسافرين الاطلاع على تقارير الشفافية ومعرفة الشركات الأكثر التزاماً والأقل شكاوى، فإن ذلك يؤثر بشكل مباشر على قرارات الحجز المستقبلية وتفضيلات العملاء. وبالتالي، فإن الرقم المعلن (1620 شكوى) يشكل حافزاً قوياً لإدارات شركات الطيران لمراجعة سياساتها الداخلية، وتحسين قنوات التواصل مع العملاء، وتسريع إجراءات المعالجة والتعويض، مما يصب في النهاية في مصلحة الاقتصاد الوطني ويدعم نمو قطاع السياحة والسفر في المملكة.


