في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنظيم قطاع التدريب ورفع جودته في المملكة العربية السعودية، أعلنت هيئة تقويم التعليم والتدريب عن إطلاق “الرخصة المهنية للمدربين”. يأتي هذا الإعلان كجزء من جهود الهيئة المستمرة لضمان كفاءة الممارسين في مختلف قطاعات التعليم والتدريب، وبما ينسجم مع المستهدفات الوطنية الطموحة.
السياق العام ورؤية المملكة 2030
يأتي إطلاق هذه الرخصة في سياق التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن إطار رؤية 2030، التي تضع تنمية القدرات البشرية في صميم أولوياتها. تدرك القيادة أن الانتقال نحو اقتصاد متنوع ومستدام يعتمد بشكل أساسي على وجود كوادر وطنية مؤهلة تأهيلاً عالياً. ومن هنا، برزت الحاجة إلى تنظيم المهن التعليمية والتدريبية ووضع معايير واضحة تضمن جودة المخرجات. وتُعد هيئة تقويم التعليم والتدريب الذراع الحكومي الرئيسي المسؤول عن تحقيق هذه الغاية، حيث سبق لها أن حققت نجاحاً ملموساً في تطبيق الرخصة المهنية للمعلمين، والتي أصبحت معياراً أساسياً لمزاولة مهنة التعليم في القطاعين العام والخاص.
أهمية الرخصة وتأثيرها المتوقع
تهدف الرخصة المهنية للمدربين إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المحورية التي ستنعكس إيجاباً على منظومة التدريب بأكملها. فعلى المستوى المحلي، ستسهم الرخصة في ضبط سوق التدريب الذي شهد نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة، مع ضمان أن الأفراد الذين يقدمون الخدمات التدريبية يمتلكون الحد الأدنى من المعارف والمهارات والكفاءات اللازمة. وهذا بدوره سيعزز من ثقة الأفراد والمنشآت في البرامج التدريبية المقدمة، ويرفع من العائد على الاستثمار في التدريب.
أما بالنسبة للمدربين أنفسهم، فستوفر لهم الرخصة اعترافاً رسمياً بمؤهلاتهم وخبراتهم، مما يعزز من مسارهم المهني ويفتح أمامهم آفاقاً وظيفية أوسع. كما ستشجع الرخصة على التطوير المهني المستمر لمواكبة أحدث الممارسات والمعايير في مجال التدريب. ومن المتوقع أن يؤدي تطبيق هذا النظام إلى رفع المستوى العام للمدربين، مما ينعكس مباشرة على جودة تدريب وتأهيل القوى العاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية.
وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن هذه الخطوة تضع المملكة في مصاف الدول المتقدمة التي تتبنى معايير مهنية صارمة لقطاع التدريب. ومن شأن ذلك أن يعزز من سمعة المدرب السعودي المعتمد إقليمياً، وقد يفتح الباب أمام اتفاقيات اعتراف متبادل بالشهادات المهنية مع جهات دولية مرموقة، مما يدعم مكانة المملكة كمركز إقليمي رائد في مجال تنمية الموارد البشرية.


