spot_img

ذات صلة

الفيدرالي يخفض الفائدة 25 نقطة أساس: التأثيرات الاقتصادية

في خطوة كانت تترقبها الأسواق المالية العالمية بحذر شديد، أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) عن قراره بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. يمثل هذا القرار تحولاً مهماً في السياسة النقدية الأمريكية، ويهدف إلى تخفيف القيود المالية لدعم النمو الاقتصادي مع الحفاظ على معدلات التضخم ضمن النطاق المستهدف.

خلفية القرار والسياق الاقتصادي

يأتي هذا الخفض بعد سلسلة طويلة من قرارات التشديد النقدي التي بدأها الفيدرالي منذ عام 2022، والتي تضمنت رفع أسعار الفائدة لمستويات قياسية بهدف كبح جماح التضخم الذي وصل إلى ذروته في العقود الأخيرة. ويشير المحللون الاقتصاديون إلى أن التحول نحو خفض الفائدة، ولو بنسبة طفيفة تبلغ ربع نقطة مئوية، يعكس ثقة صناع السياسة النقدية في أن التضخم بدأ يتراجع بشكل مستدام نحو هدف 2%، وأن المخاطر التي تهدد سوق العمل والنمو الاقتصادي باتت تتطلب اهتماماً أكبر.

التأثير على الأسواق العالمية والذهب

تاريخياً، يرتبط خفض أسعار الفائدة الأمريكية بعلاقة عكسية مع قيمة الدولار وعوائد السندات، وعلاقة طردية مع أسعار الذهب والأصول ذات المخاطر العالية. فور صدور القرار، غالباً ما تشهد أسواق الأسهم انتعاشاً نتيجة لتوقعات انخفاض تكلفة الاقتراض للشركات، مما يعزز من خطط التوسع والاستثمار. في المقابل، يصبح الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين كملاذ آمن وكأصل لا يدر عائداً، حيث تنخفض تكلفة الفرصة البديلة لحيازته مع تراجع عوائد السندات والدولار.

انعكاسات القرار على دول الخليج والمنطقة

يحمل هذا القرار أهمية خاصة لمنطقة الشرق الأوسط، وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجي التي تربط عملاتها بالدولار الأمريكي (باستثناء الكويت التي تربط عملتها بسلة عملات يغلب عليها الدولار). وعادة ما تقوم البنوك المركزية في السعودية والإمارات وقطر والبحرين بمحاكاة قرارات الفيدرالي الأمريكي بشكل فوري للحفاظ على استقرار سعر الصرف. يعني هذا الخفض تراجعاً في تكلفة التمويل والقروض العقارية والاستهلاكية في هذه الدول، مما قد ينعش قطاعات العقارات والإنشاءات ويزيد من السيولة في الأسواق المحلية.

نظرة مستقبلية: الهبوط السلس

يسعى الفيدرالي من خلال هذه السياسة المتدرجة إلى تحقيق ما يسمى بـ “الهبوط السلس” (Soft Landing)، وهو كبح التضخم دون التسبب في ركود اقتصادي حاد. ويبقى السؤال الأبرز للمستثمرين هو ما إذا كان هذا الخفض بداية لسلسلة من التخفيضات المتتالية في الاجتماعات القادمة، أم أنه إجراء تكتيكي مؤقت يعتمد على البيانات الاقتصادية الواردة تباعاً.

spot_imgspot_img