عقد وزير الخارجية جلسة مباحثات رسمية موسعة مع نظيره التركمانستاني، تركزت حول استعراض العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين الصديقين، وبحث سبل تعزيزها وتطويرها لتشمل آفاقاً أوسع في مختلف المجالات الحيوية. كما تناولت الجلسة مناقشة معمقة لأبرز المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والجهود الدبلوماسية المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار.
تعزيز الشراكة الاستراتيجية والاقتصادية
تأتي هذه المباحثات في توقيت هام يعكس الحرص المشترك من قيادتي البلدين على توطيد أواصر التعاون الدبلوماسي والاقتصادي. وقد ركز الجانبان بشكل مكثف على أهمية استثمار الفرص الواعدة لرفع مستوى التبادل التجاري والاستثماري، بما يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة. وشدد الوزيران على ضرورة تكثيف التشاور السياسي والتنسيق المستمر حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتفعيل آليات اللجان المشتركة ومجالس الأعمال، مما يخدم مصالح الشعبين ويدعم خطط التنمية المستدامة في كلا البلدين.
تركمانستان.. ثقل جيوسياسي وسياسة الحياد الإيجابي
تكتسب العلاقات مع تركمانستان أهمية استراتيجية خاصة نظراً لموقعها الجغرافي المحوري في قلب آسيا الوسطى، حيث تلعب دوراً هاماً كجسر للتواصل الحضاري والاقتصادي بين قارتي آسيا وأوروبا. وتتميز السياسة الخارجية لتركمانستان بنهج فريد يتمثل في سياسة "الحياد الإيجابي"، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة رسمياً في عام 1995، مما جعل من عشق آباد مركزاً إقليمياً للدبلوماسية الهادئة وشريكاً موثوقاً في تعزيز السلم والأمن الدوليين. هذا الموقع الاستراتيجي يجعل منها حلقة وصل حيوية في مشاريع النقل واللوجستيات الدولية التي تهدف إلى إحياء ممرات التجارة القديمة (طريق الحرير) وفق مفاهيم اقتصادية حديثة ومتطورة.
التعاون في قطاع الطاقة والغاز الطبيعي
يحتل ملف الطاقة صدارة المباحثات الثنائية، حيث تُعد تركمانستان لاعباً رئيسياً في سوق الطاقة العالمي بامتلاكها رابع أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم. وتناولت النقاشات سبل تعزيز التعاون في قطاعات الطاقة التقليدية والمتجددة، وصناعة البتروكيماويات، وبحث فرص مشاركة الشركات الوطنية في المشاريع التنموية الكبرى للبنية التحتية للطاقة في تركمانستان. ويأتي هذا التعاون في إطار السعي لتحقيق أمن الطاقة وتنويع مصادر الدخل، والاستفادة من الخبرات المتبادلة في هذا القطاع الحيوي.
تنسيق المواقف في المحافل الدولية
وعلى الصعيد الدولي، أكد الجانبان على تطابق وجهات النظر في العديد من الملفات السياسية والأمنية، وأهمية استمرار الدعم المتبادل في المنظمات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة. ويجسد هذا اللقاء عمق الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بين المنطقة العربية ومنطقة آسيا الوسطى، والرغبة الصادقة في الدفع بهذه العلاقات نحو شراكة استراتيجية مستدامة تساهم في مواجهة التحديات العالمية الراهنة.


