أعلنت “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي حظيت بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة، عن إنهاء عملياتها في قطاع غزة يوم الإثنين. يأتي هذا القرار في خضم تصاعد الأزمة الإنسانية وشكوك كبيرة أحاطت بفعالية وسلامة عملياتها، التي كان يُراد لها أن تكون بديلاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
زعمت المؤسسة أنها تمكنت من توزيع أكثر من 187 مليون وجبة مجانية للمدنيين في القطاع المنكوب، لكن أنشطتها ارتبطت بحوادث مأساوية وفوضى عارمة. فقد شهدت عمليات توزيع المساعدات التي نظمتها إطلاق نار متكرر من قبل الجيش الإسرائيلي على تجمعات المدنيين الفلسطينيين الجائعين، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات في حوادث وُصفت بـ”مذابح الطحين”، الأمر الذي أثار تساؤلات جدية حول قدرة المؤسسة على ضمان التوزيع الآمن للمساعدات.
السياق العام: البحث عن بديل للأونروا
جاء ظهور هذه المؤسسة في سياق حملة إسرائيلية مكثفة ضد الأونروا، حيث اتهمت إسرائيل الوكالة الأممية بتورط عدد من موظفيها في هجوم 7 أكتوبر 2023. وعلى الرغم من أن الأونروا فتحت تحقيقاً فورياً وأنهت عقود الموظفين المتهمين، إلا أن الاتهامات أدت إلى تعليق عدد من الدول المانحة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تمويلها للوكالة، مما هدد بتوقف عملياتها الحيوية التي تخدم ملايين اللاجئين الفلسطينيين منذ عقود.
في ظل هذا الفراغ، سعت إسرائيل والولايات المتحدة إلى إيجاد قنوات بديلة لتوزيع المساعدات، بعيداً عن منظومة الأمم المتحدة الراسخة. كانت “مؤسسة غزة الإنسانية” هي أبرز هذه المحاولات، لكن تجربتها القصيرة أثبتت صعوبة استبدال منظمة بحجم وخبرة الأونروا، التي تمتلك البنية التحتية والشبكات اللوجستية والمعرفة العميقة بالمجتمع المحلي، وهي عوامل ضرورية للعمل في بيئة معقدة وخطرة مثل قطاع غزة.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
إن إنهاء “مؤسسة غزة الإنسانية” لعملها لا يمثل مجرد فشل تشغيلي، بل يحمل دلالات سياسية وإنسانية عميقة. على المستوى المحلي، يزيد هذا القرار من تفاقم الكارثة الإنسانية، حيث يتقلص عدد الجهات القادرة على إيصال المساعدات الحيوية إلى السكان الذين يعانون من مجاعة وشيكة. كما أنه يؤكد على أن الحلول المؤقتة والمفروضة من الخارج دون تنسيق كافٍ لا يمكن أن تلبي الاحتياجات الهائلة على الأرض.
إقليمياً ودولياً، يسلط هذا الفشل الضوء على مركزية دور الأونروا كشريان حياة للفلسطينيين، ويعزز الحجج التي تطالب الدول المانحة باستئناف تمويلها بشكل كامل. كما يبرهن على أن توزيع المساعدات في مناطق النزاع يتطلب أكثر من مجرد توفير الغذاء؛ فهو بحاجة إلى آليات حماية وتنسيق أمني وقبول من المجتمع المحلي، وهو ما فشلت المؤسسة البديلة في تحقيقه، لتترك وراءها فراغاً إضافياً في مشهد إنساني يزداد قتامة يوماً بعد يوم.


