في ظل الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشها قطاع غزة، سجلت المصادر الطبية وفاة طفل رضيع نتيجة البرد القارس، تزامناً مع تأثر المنطقة بمنخفض جوي عميق زاد من حدة المعاناة اليومية لمئات الآلاف من النازحين. وتأتي هذه الحادثة المأساوية لتسلط الضوء على واقع مرير يعيشه سكان القطاع، حيث تفتقر الغالبية العظمى منهم إلى أدنى مقومات التدفئة والحماية من تقلبات الطقس الشتوية القاسية.
تفاقم المعاناة في مخيمات النزوح
مع اشتداد الرياح وهطول الأمطار الغزيرة المصاحبة للمنخفض الجوي، غرقت مئات الخيام التي تؤوي العائلات النازحة في مناطق مختلفة من القطاع. هذه الخيام، المصنوعة غالباً من أقمشة مهترئة وبلاستيك خفيف، لم تصمد أمام قسوة الطبيعة، مما ترك الأطفال والنساء وكبار السن في العراء يواجهون البرد دون أغطية كافية أو ملابس شتوية تقيهم انخفاض درجات الحرارة. ويشير الواقع الميداني إلى أن البنية التحتية المدمرة بفعل الحرب جعلت من تصريف مياه الأمطار أمراً مستحيلاً، مما حول مناطق النزوح إلى برك من الوحل والمياه.
خلفية الأزمة وتأثير الحصار
لا يمكن فصل هذه المأساة عن السياق العام للحصار المستمر والعمليات العسكرية التي دمرت آلاف المنازل، مما أجبر السكان على اللجوء إلى مناطق تفتقر لأبسط الخدمات. تاريخياً، اعتاد سكان غزة التعامل مع المنخفضات الجوية داخل منازلهم، ولكن هذا الشتاء يعد الأسوأ والأقسى نظراً لانعدام المأوى الآمن. كما أن النقص الحاد في الوقود وانقطاع الكهرباء المستمر جعل من استخدام وسائل التدفئة التقليدية حلماً بعيد المنال، مما يضطر العائلات لإشعال الأخشاب والنفايات للتدفئة، وهو ما يسبب مشاكل تنفسية إضافية.
تحذيرات صحية ومخاطر محدقة
حذرت المنظمات الدولية والمؤسسات الصحية مراراً من خطورة الوضع الصحي في غزة خلال فصل الشتاء. فالأطفال، وخاصة الرضع، هم الفئة الأكثر تضرراً وعرضة للإصابة بنزلات البرد الحادة، والالتهابات الرئوية، وانخفاض حرارة الجسم (Hypothermia) الذي قد يؤدي للوفاة، كما حدث مع الطفل الرضيع. ويأتي ذلك في وقت يعاني فيه القطاع الصحي من انهيار شبه كامل، مع نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاج أمراض الشتاء، مما ينذر بكارثة صحية قد تحصد المزيد من الأرواح إذا لم يتم التدخل العاجل لإدخال المساعدات الإنسانية ومعدات الإيواء المناسبة.
