spot_img

ذات صلة

أسعار الذهب ترتفع بدعم توقعات خفض الفائدة الأمريكية

سجلت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً عند تسوية التعاملات الأخيرة، مدفوعة بموجة من التفاؤل سادت الأسواق المالية العالمية بشأن اقتراب مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) من إنهاء سياسة التشديد النقدي والبدء في خفض أسعار الفائدة. ويأتي هذا التحول في المعنويات ليعيد البريق للمعدن النفيس باعتباره أحد أهم الأصول الاستثمارية في أوقات التحولات الاقتصادية الكبرى.

العلاقة العكسية بين الفائدة والذهب

يستمد الذهب قوته الحالية من الديناميكية الاقتصادية المعروفة بـ “تكلفة الفرصة البديلة”. فالمعدن الأصفر هو أصل لا يدر عائداً دورياً ثابتاً مثل الكوبونات في السندات أو التوزيعات النقدية في الأسهم. لذلك، عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة، يميل المستثمرون إلى أدوات الدين الحكومية بحثاً عن العائد المضمون. ولكن مع تزايد التوقعات بخفض الفائدة، تتراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، مما يجعل الذهب أكثر جاذبية وتنافسية في المحافظ الاستثمارية، حيث ينخفض العائد الذي يضحي به المستثمر من أجل حيازة الذهب.

تأثير الدولار والأسواق العالمية

في سياق متصل، يلعب مؤشر الدولار الأمريكي دوراً حاسماً في تحديد مسار أسعار الذهب. تاريخياً، ترتبط العملة الأمريكية بعلاقة عكسية مع السلع المقومة بها. ومع تزايد الرهانات على تيسير السياسة النقدية، يواجه الدولار ضغوطاً بيعية أمام سلة العملات الرئيسية، مما يجعله أقل تكلفة للمستثمرين حائزي العملات الأخرى، وهو ما يحفز الطلب العالمي ويدفع الأسعار نحو مستويات أعلى.

الذهب كملاذ آمن وتحوط استراتيجي

لا يمكن إغفال السياق التاريخي والدور الجوهري الذي يلعبه الذهب كأداة للتحوط. ففي ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والمخاوف من ركود محتمل أو تقلبات جيوسياسية، يلجأ المستثمرون إلى الذهب للحفاظ على قيمة ثرواتهم. ويرى المحللون أن البيانات الاقتصادية الأمريكية المرتقبة، لا سيما تلك المتعلقة بالتضخم وسوق العمل، ستكون البوصلة الموجهة للأسواق، حيث أن أي إشارات على تباطؤ التضخم ستعزز حجة الفيدرالي لخفض الفائدة، مما يصب مباشرة في صالح الذهب.

الدعم المؤسسي من البنوك المركزية

على الصعيد الدولي، يتجاوز الطلب على الذهب كونه مجرد مضاربة فردية؛ إذ تشكل مشتريات البنوك المركزية ركيزة أساسية لدعم الأسعار. تتجه العديد من الدول، خاصة في الاقتصادات الناشئة، إلى زيادة احتياطياتها من الذهب كجزء من استراتيجية تنويع الاحتياطيات وتقليل الاعتماد المفرط على الدولار الأمريكي. هذا التوجه الاستراتيجي يخلق “أرضية سعرية” صلبة للمعدن، ويحميه من الانهيارات الحادة حتى في فترات التصحيح السعري.

ختاماً، تترقب الأسواق بحذر قرارات لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية القادمة، والتي سترسم ملامح السيولة العالمية للفترة المقبلة. وفي ظل هذه المعطيات، يبقى الذهب في صدارة الأصول التي يراقبها المستثمرون لاقتناص الفرص وحماية المحافظ من تقلبات الأسواق التقليدية.

spot_imgspot_img