تتصاعد الأصوات والمطالبات من قبل سكان وزوار العاصمة المقدسة بضرورة الالتفات إلى أشهر طرق شرق مكة المكرمة، والبدء في مشاريع تشجير واسعة النطاق تليق بمكانة المدينة وتواكب التطور العمراني المتسارع الذي تشهده المنطقة. وتأتي هذه المطالبات في وقت تشهد فيه المملكة حراكاً بيئياً غير مسبوق، حيث يرى الأهالي أن الطرق الحيوية في شرق مكة لا تزال بحاجة ماسة إلى لمسة خضراء تكسر جمود الأسفلت وتضفي طابعاً جمالياً وبيئياً مستداماً.
التشجير كجزء من مبادرة السعودية الخضراء
لا يمكن فصل مطالبات أهالي مكة عن السياق الوطني العام المتمثل في “مبادرة السعودية الخضراء”، التي أطلقها سمو ولي العهد -حفظه الله- كجزء لا يتجزأ من رؤية المملكة 2030. تهدف هذه المبادرة الطموحة إلى زراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة خلال العقود القادمة. ومن هذا المنطلق، يكتسب تشجير طرق شرق مكة أهمية استراتيجية، حيث تعد مكة المكرمة واجهة المملكة أمام العالم الإسلامي، وتطبيق معايير الاستدامة البي فيها يعكس التزام المملكة بتحسين المناخ ومكافحة التصحر.
الأهمية البيئية والمناخية لمكة المكرمة
تتميز مكة المكرمة بطبيعتها الجغرافية والمناخية الحارة، خاصة خلال فصل الصيف ومواسم الحج والعمرة. وهنا يبرز الدور الحيوي للأشجار والغطاء النباتي في تلطيف الأجواء وخفض درجات الحرارة. إن تشجير الطرق الرئيسية في شرق مكة لن يقتصر دوره على الجانب الجمالي فحسب، بل سيعمل كمصدات طبيعية للرياح والأتربة، ويساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عوادم السيارات، مما يخلق بيئة صحية أكثر نقاءً للسكان ولضيوف الرحمن.
تحسين المشهد الحضري وجودة الحياة
يندرج مشروع تشجير الطرق ضمن مستهدفات “برنامج جودة الحياة”، أحد برامج تحقيق الرؤية. فالطرق التي تفتقر للتشجير تزيد من حدة التلوث البصري وتأثير ما يعرف بـ “الجزر الحرارية”. في المقابل، تساهم الأشجار المحلية المناسبة لبيئة مكة (مثل السدر والسمر والطلح) في إراحة العين والنفس، وتوفير مساحات ظل للمشاة، مما يشجع على ممارسة رياضة المشي ويعزز من أنسنة المدن. إن شرق مكة، بكثافته السكانية ومداخله الحيوية، يستحق أن يكون نموذجاً يحتذى به في التخطيط الحضري الأخضر.
تطلعات نحو مستقبل أخضر
يأمل المواطنون أن تضع أمانة العاصمة المقدسة والجهات المعنية ملف تشجير طرق شرق مكة على رأس أولوياتها في المشاريع القادمة، مع التركيز على استخدام شبكات ري ذكية ومياه معالجة لضمان استدامة المشروع. إن تحويل هذه الطرق إلى مسارات خضراء ليس مجرد ترفيه، بل هو ضرورة بيئية وحضارية تعكس الوجه المشرق للمملكة العربية السعودية في عهدها الزاهر.
