بعد مرور 17 عاماً على إدانته، عاد السجين اليمني علي حمزة البهلول، الذي يوصف بأنه أحد أقدم معتقلي غوانتانامو، إلى قاعة المحكمة العسكرية مرة أخرى. جاء مثوله في جلسة استماع تتعلق بقضية أخرى شديدة الأهمية، وهي محاكمة العقل المدبر المزعوم لتفجير المدمرة الأمريكية “يو إس إس كول”، مما يفتح فصلاً جديداً في الملحمة القانونية الطويلة والمثيرة للجدل لمعتقل غوانتانامو.
وخلال الجلسة، أظهر البهلول (56 عاماً) تحدياً للنظام القضائي، حيث رفض أداء القسم، ورفض الاستعانة بمحامٍ للدفاع، وتحدث باللغة العربية مشيداً بتنظيم القاعدة وزعيمه السابق أسامة بن لادن. وتتعلق القضية المطروحة حالياً بما إذا كان الادعاء يستطيع استخدام أقوال أدلى بها البهلول لمحققي مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بعد اعتقاله في باكستان عام 2001، كدليل في محاكمة عبد الرحيم النشيري، المتهم الرئيسي في هجوم “يو إس إس كول”.
خلفية معتقل غوانتانامو
لفهم سياق هذه المحاكمة، لا بد من العودة إلى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، حين أنشأت الولايات المتحدة معتقل غوانتانامو في قاعدتها البحرية بكوبا. كان الهدف هو احتجاز ومحاكمة من وصفتهم بـ “المقاتلين الأعداء” خارج نطاق النظام القضائي الأمريكي التقليدي. ومنذ تأسيسه، أصبح المعتقل رمزاً عالمياً للاحتجاز لأجل غير مسمى والمحاكمات العسكرية التي واجهت انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان الدولية بسبب انتهاكات مزعومة للإجراءات القانونية الواجبة واستخدام أساليب تحقيق قاسية.
من هو علي حمزة البهلول؟
يُعرف البهلول بأنه كان المسؤول الإعلامي لأسامة بن لادن، وأُدين في عام 2008 من قبل لجنة عسكرية بتهم تشمل التآمر وتقديم دعم مادي للإرهاب، لدوره في إنتاج فيديوهات دعائية لتنظيم القاعدة. حُكم عليه بالسجن مدى الحياة، وهو واحد من عدد قليل جداً من المعتقلين الذين صدرت بحقهم إدانات في غوانتانامو. وعلى مر السنين، خاض محاموه معارك قانونية طويلة، نجحوا خلالها في إسقاط بعض أجزاء من إدانته أمام محاكم استئناف أمريكية عليا، بحجة أن التهم الموجهة إليه لم تكن تُصنف كجرائم حرب بموجب القانون الدولي وقت ارتكابها.
أهمية القضية وتأثيرها
تكتسب هذه الجلسة أهمية خاصة لأنها تربط بين قضيتين محوريتين في تاريخ “الحرب على الإرهاب”. فمن ناحية، هناك قضية البهلول التي تعكس التعقيدات القانونية لنظام اللجان العسكرية في غوانتانامو. ومن ناحية أخرى، قضية النشيري المتعلقة بتفجير المدمرة “يو إس إس كول” عام 2000 قبالة سواحل اليمن، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل 17 بحاراً أمريكياً وشكّل أحد أبرز هجمات القاعدة قبل أحداث 11 سبتمبر. تعثرت محاكمة النشيري لسنوات طويلة بسبب ادعاءات بتعرضه للتعذيب في سجون سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، مما يجعل أي شهادة أو دليل في قضيته خاضعاً لتدقيق قانوني مكثف. إن قرار المحكمة بشأن قبول شهادة البهلول قد يؤثر بشكل كبير على مسار قضية النشيري، ويشكل سابقة لكيفية التعامل مع الأدلة والشهادات المأخوذة من معتقلين آخرين في قضايا الإرهاب الكبرى.


