كشفت صحيفة «غارديان» البريطانية في تقرير حديث لها عن تطور لافت في مسار الصراع الدائر في السودان، مشيرة إلى انخراط مرتزقة كولومبيين في القتال إلى جانب قوات «الدعم السريع» التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي). ويسلط هذا التقرير الضوء على بُعد جديد للأزمة السودانية يتمثل في تدويل القتال عبر استجلاب مقاتلين محترفين من خارج القارة الأفريقية، مما يعقد المشهد العسكري والسياسي في البلاد.
تفاصيل الانخراط الكولومبي في الصراع
وفقاً لما أوردته الصحيفة، فإن مشاركة المقاتلين الكولومبيين تأتي لتعزيز القدرات القتالية لقوات الدعم السريع، خاصة في حرب الشوارع والمعارك الحضرية. ويُعرف الجنود الكولومبيون المتقاعدون بخبرتهم العالية في القتال الميداني، والتي اكتسبوها خلال عقود من النزاع المسلح الداخلي في بلادهم ضد الفصائل المسلحة وتجار المخدرات. هذه الخبرة جعلت منهم هدفاً للتجنيد من قبل شركات عسكرية خاصة للعمل في مناطق نزاع مختلفة حول العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط.
خلفية تاريخية: المرتزقة الكولومبيون في الشرق الأوسط
لا تعد هذه المرة الأولى التي يظهر فيها اسم المقاتلين الكولومبيين في ساحات الصراع بالمنطقة العربية. فقد سبق توثيق مشاركة مئات منهم في الحرب في اليمن، حيث تم التعاقد معهم نظراً لمهاراتهم القتالية العالية وانخفاض تكلفة تجنيدهم مقارنة بنظرائهم من الدول الغربية. غالباً ما يتم إغراء هؤلاء الجنود المتقاعدين برواتب مجزية بالدولار الأمريكي تفوق بكثير ما يتقاضونه كرواتب تقاعدية في بلادهم، مما يدفعهم للمخاطرة بالعمل في بؤر التوتر الساخنة.
سياق الحرب في السودان وتأثير التدخل الأجنبي
يأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه السودان صراعاً دامياً اندلع منذ منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع. وقد أدى هذا النزاع إلى أزمة إنسانية كارثية، ونزوح الملايين، وتدمير واسع للبنية التحتية في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور. إن دخول عناصر أجنبية محترفة مثل المرتزقة الكولومبيين من شأنه أن يطيل أمد الحرب ويزيد من ضراوة المعارك، حيث يجلب هؤلاء تكتيكات قتالية متقدمة قد تخل بموازين القوى على الأرض.
التداعيات الإقليمية والدولية
يثير وجود مرتزقة من أمريكا اللاتينية في السودان مخاوف المجتمع الدولي بشأن تحول البلاد إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات وتجارة الحروب. كما يطرح تساؤلات جدية حول مصادر تمويل هذه العمليات، وكيفية وصول هؤلاء المقاتلين إلى العمق السوداني. ويرى مراقبون أن هذا التدويل للمقاتلين يعقد جهود الوساطة الدولية والإقليمية الرامية لوقف إطلاق النار، حيث يصبح ولاء المقاتلين مرتبطاً بالعقود المالية بدلاً من القضايا الوطنية، مما يجعل التوصل إلى حل سياسي أمراً أكثر صعوبة وتعقيداً.


