في ظل الأزمة السياسية الخانقة التي تعصف بإسرائيل، تداولته الأوساط السياسية والإعلامية تقارير تفيد بوجود مقترحات جدية تدور في الكواليس بين الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وتتمحور هذه المقترحات حول صفقة سياسية معقدة تهدف إلى إخراج البلاد من نفق الانقسام المظلم، عنوانها العريض: «العفو القانوني مقابل الانتخابات المبكرة».
سياق الأزمة والخلفية التاريخية
تأتي هذه التسريبات في وقت تشهد فيه إسرائيل واحدة من أعمق أزماتها الداخلية منذ تأسيسها، وذلك على خلفية خطة «الإصلاح القضائي» التي دفعت بها حكومة نتنياهو اليمينية. هذه الخطة، التي يرى فيها المعارضون انقلاباً على الديمقراطية وتقويضاً لسلطة المحكمة العليا، أدت إلى اندلاع موجة احتجاجات غير مسبوقة استمرت لأسابيع طويلة، وشملت قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك جنود الاحتياط ورجال الأعمال وقطاع التكنولوجيا.
وفي هذا السياق، يحاول الرئيس هرتسوغ منذ أشهر لعب دور الوسيط لتقريب وجهات النظر ومنع ما وصفه في أكثر من مناسبة بـ «خطر الحرب الأهلية». وتستند المبادرة المطروحة للنقاش إلى فكرة منح نتنياهو عفواً رئاسياً أو تسوية قانونية تنهي ملاحقته في قضايا الفساد (الملفات 1000، 2000، و4000) التي تلاحقه منذ سنوات، مقابل تنازله السياسي والدعوة لانتخابات مبكرة تفرز مشهداً سياسياً جديداً.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
إن تحقيق مثل هذه الصفقة لا يقتصر أثره على المستقبل الشخصي لنتنياهو فحسب، بل يمتد ليشمل استقرار النظام السياسي في إسرائيل والمنطقة. محلياً، قد يؤدي الذهاب لانتخابات مبكرة إلى تفكيك الائتلاف الحكومي الحالي الذي يوصف بأنه الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل، مما قد يهدئ من روع الشارع الغاضب ويعيد الثقة في المؤسسات الرسمية.
على الصعيد الدولي، تراقب الولايات المتحدة والدول الأوروبية هذه التطورات عن كثب. فاستمرار الأزمة الحالية ألقى بظلاله على العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، حيث عبرت إدارة الرئيس بايدن مراراً عن قلقها من المساس باستقلالية القضاء. وبالتالي، فإن أي مخرج سياسي ينهي حالة الاستقطاب الحاد سيلقى ترحيباً دولياً واسعاً، وقد يعيد ترتيب الأوراق الدبلوماسية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بملفات التطبيع والتعامل مع الملف النووي الإيراني.
ويبقى السؤال الأبرز: هل يقبل نتنياهو، المعروف بمناوراته السياسية وبقائه الطويل في السلطة، بصفقة قد تنهي مسيرته السياسية مقابل حريته الشخصية؟ أم أن هذه التسريبات ليست سوى بالونات اختبار في صراع الإرادات المستمر بين السلطة والمعارضة؟ الأيام القادمة كفيلة بكشف مسار هذه المفاوضات المعقدة.


