فرضت السلطات السورية، اليوم الأحد، حظر تجوال مؤقت في محافظة حمص، وذلك في أعقاب جريمة قتل بشعة راح ضحيتها رجل وزوجته في بلدة زيدل بريف المحافظة، مما أثار مخاوف من انزلاق المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف الطائفي.
وأعلنت القيادة الأمنية في حمص عن فرض حظر التجوال من الساعة الخامسة مساءً حتى الخامسة صباحاً كإجراء احترازي لضبط الوضع الأمني. وفي تفاصيل الحادثة، صرح قائد الأمن الداخلي في حمص، العميد مرهف النعسان، بأنه تم العثور على رجل وزوجته مقتولين داخل منزلهما في بلدة زيدل، مشيراً إلى أن جثة الزوجة تعرضت للحرق بعد مقتلها. وأضاف النعسان أن التحقيقات الأولية كشفت عن وجود عبارات ذات طابع طائفي مكتوبة في موقع الجريمة، مما يؤكد وجود نية مبيتة لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
خلفية التوتر في حمص
تأتي هذه الجريمة لتفتح جروحاً قديمة في مدينة حمص التي كانت تُعرف بـ”عاصمة الثورة” في بداية الأزمة السورية عام 2011. شهدت المدينة، بتركيبتها السكانية المتنوعة التي تضم سنة وعلوية ومسيحيين، انقسامات حادة وصراعات دموية على أسس طائفية خلال سنوات الحرب. ورغم عودة الهدوء النسبي إلى المدينة بعد سيطرة القوات الحكومية عليها بالكامل، إلا أن النسيج الاجتماعي لا يزال هشاً، والتوترات الطائفية كامنة تحت السطح، مما يجعل أي حادثة من هذا النوع شرارة قادرة على إشعال حريق واسع.
تداعيات الجريمة وأهميتها
لم تتأخر تداعيات الجريمة في الظهور، حيث أفادت مصادر محلية بأن أفراداً من قبيلة بني خالد، التي ينتمي إليها الضحية، قاموا بمهاجمة ضاحية الباسل التي يقطنها مواطنون من الطائفة العلوية، بدعوى الثأر. وقد انتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر حرق مركبات وأصوات إطلاق نار كثيف، مما يعكس سرعة تفجر الوضع. إن أهمية هذا الحدث تكمن في كونه اختباراً حقيقياً لقدرة السلطات على احتواء الموقف ومنع تدهوره إلى صراع أهلي مصغر. على الصعيد الوطني، يُنظر إلى الحادثة كمؤشر خطير على أن جذور الصراع في سوريا لا تزال حية، وأن غياب حل سياسي شامل ومصالحة حقيقية يبقي البلاد عرضة للانفجارات الأمنية والمجتمعية في أي لحظة.
وشدد العميد النعسان على أن “الهدف من هذا العمل الإجرامي واضح، وهو توتير الخطاب الطائفي، وزعزعة النسيج الاجتماعي”، مؤكداً أن الجهات الأمنية فتحت تحقيقاً موسعاً لكشف ملابسات الجريمة وضبط الجناة. كما عززت قوات الأمن الداخلي انتشارها في بلدة زيدل والمناطق المحيطة بها، ودعت الأهالي إلى التحلي بضبط النفس وتجنب أي ردود فعل انتقامية، وترك الأمر للقضاء والجهات المختصة لضمان تحقيق العدالة ومنع الانجرار وراء الفتنة.


