أكدت تقارير حقوقية حديثة أن النساء في اليمن أصبحن في مقدمة ضحايا الانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي، في سابقة خطيرة تتنافى مع الأعراف القبلية والقيم المجتمعية اليمنية التي كانت تمنح المرأة حصانة خاصة وتجرم المساس بها. وقد سلط ناشطون وحقوقيون الضوء على تصاعد وتيرة القمع الممنهج ضد النساء في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، مما حول حياة الآلاف منهن إلى جحيم لا يطاق.
سجل حافل بالانتهاكات منذ الانقلاب
منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، شهد ملف حقوق المرأة تدهوراً غير مسبوق. وتشير التقارير الصادرة عن منظمات محلية ودولية، بما في ذلك تقارير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، إلى أن الجماعة أنشأت سجوناً سرية خاصة بالنساء، حيث يتعرضن فيها لأصناف شتى من التعذيب النفسي والجسدي. ولم تقتصر الانتهاكات على الناشطات السياسيات والحقوقيات فحسب، بل طالت طالبات الجامعات وربات البيوت، بتهم ملفقة غالباً ما تتعلق بـ "الحرب الناعمة" أو التخابر، وهي تهم تستخدم لتبرير القمع وتكميم الأفواه.
جهاز "الزينبيات" وأدوات القمع
من أخطر التطورات التي رصدها الحقوقيون هو تأسيس ما يعرف بكتائب "الزينبيات"، وهي قوة نسائية مسلحة تابعة للحوثيين، مهمتها اقتحام المنازل، وتفتيش الهواتف، وقمع المظاهرات النسائية، واستدراج النساء للإيقاع بهن. يعد هذا الجهاز الأمني النسوي أداة رئيسية في ترسيخ القبضة الأمنية للجماعة، وقد أدرج مجلس الأمن الدولي بعض قيادات هذا الجهاز ضمن قوائم العقوبات نظراً لتورطهم في جرائم جسيمة تشمل العنف الجنسي والاعتقال التعسفي.
قيود صارمة على الحريات العامة
إلى جانب الاعتقالات، فرضت جماعة الحوثي قيوداً مشددة على حركة النساء ومشاركتهن في الحياة العامة. فقد تم فرض نظام "المحرم" للتنقل بين المحافظات أو السفر للخارج، مما حرم الكثير من النساء من حقهن في العمل والتعليم والعلاج. كما تتدخل الجماعة بشكل سافر في الملابس وطريقة ارتداء العباءات، وتمنع الاختلاط في الجامعات والمطاعم، في محاولة لفرض نمط أيديولوجي متشدد دخيل على المجتمع اليمني المتسامح بطبعه.
تداعيات إنسانية واجتماعية كارثية
لهذه الانتهاكات تداعيات عميقة على النسيج الاجتماعي اليمني؛ فوصمة العار المرتبطة باعتقال النساء في مجتمع محافظ تدفع العديد من الأسر إلى التكتم على اختفاء بناتهم، مما يعقد عملية الرصد والتوثيق. كما أن الآثار النفسية المدمرة التي تلحق بالناجيات من السجون تحتاج إلى سنوات طويلة من العلاج وإعادة التأهيل. ويطالب المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بضرورة التحرك العاجل ليس فقط لإدانة هذه الممارسات، بل لمحاسبة المتورطين فيها وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، باعتبار أن حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان ومن عملية السلام الشاملة في اليمن.


