spot_img

ذات صلة

سجن عمران خان وزوجته 14 عاماً في قضية توشاخانا

أصدرت محكمة مكافحة الفساد في باكستان حكماً بالسجن لمدة 14 عاماً على رئيس الوزراء السابق عمران خان وزوجته بشرى بيبي، وذلك في إطار القضية المعروفة إعلامياً باسم “توشاخانا” أو قضية هدايا الدولة. ويأتي هذا الحكم ليضيف فصلاً جديداً من التعقيد إلى المشهد السياسي الباكستاني المتوتر، خاصة وأنه صدر في توقيت حرج للغاية بالنسبة لمستقبل خان السياسي وحزبه.

وتضمن الحكم الصادر، بالإضافة إلى عقوبة السجن المشددة، منع عمران خان من تولي أي منصب عام لمدة عشر سنوات، مما يقضي فعلياً على آماله في العودة إلى السلطة عبر القنوات الرسمية في المدى المنظور. كما فرضت المحكمة غرامة مالية ضخمة على الزوجين، متهمة إياهما باستغلال منصبهما لبيع هدايا رسمية تلقاها خان أثناء توليه رئاسة الوزراء (2018-2022) والاحتفاظ بعائداتها دون الإفصاح عنها بشكل قانوني.

خلفية قضية “توشاخانا” وتفاصيل الاتهامات

تتمحور قضية “توشاخانا” حول إدارة الهدايا التي يتلقاها المسؤولون الحكوميون من رؤساء الدول وكبار الشخصيات الأجنبية. وفقاً للقانون الباكستاني، يجب إيداع هذه الهدايا في “توشاخانا” (خزانة الدولة)، ويمكن للمسؤولين الاحتفاظ بها فقط إذا دفعوا جزءاً من قيمتها المقدرة. وتزعم هيئة المحاسبة الوطنية أن خان وزوجته اشتريا هدايا – تشمل ساعات فاخرة ومجوهرات وعطوراً – بأسعار مخفضة للغاية ثم باعاها في السوق المفتوحة لتحقيق أرباح شخصية طائلة، وهو ما اعتبرته المحكمة فساداً واستغلالاً للسلطة.

السياق السياسي والخلفية التاريخية

لا يمكن فصل هذا الحكم عن السياق السياسي العاصف الذي تشهده باكستان منذ الإطاحة بعمران خان عبر تصويت بحجب الثقة في البرلمان في أبريل 2022. منذ ذلك الحين، دخل نجم الكريكيت الدولي السابق في مواجهة مفتوحة مع المؤسسة العسكرية والحكومة الائتلافية التي خلفت حكمه. وقد واجه خان عشرات القضايا القانونية التي تتراوح بين الفساد والتحريض والإرهاب وتسريب أسرار الدولة، وهو ما يصفه خان وأنصاره بأنه حملة ممنهجة ذات دوافع سياسية تهدف إلى إقصائه عن المشهد.

التأثيرات المتوقعة محلياً وإقليمياً

يحمل هذا الحكم تداعيات عميقة على الاستقرار الداخلي في باكستان. فعلى الصعيد المحلي، يعمق الحكم حالة الاستقطاب الحاد بين أنصار حزب “حركة الإنصاف” الذي يتزعمه خان وبين مؤسسات الدولة. وقد يؤدي استبعاد خان من المشهد الانتخابي إلى موجات من الاحتجاجات أو عزوف قطاع واسع من الناخبين الشباب عن المشاركة السياسية، مما يطرح تساؤلات حول شرعية العمليات الانتخابية المقبلة في ظل غياب أبرز المنافسين.

وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، تراقب القوى العالمية الوضع في باكستان بقلق، نظراً لموقعها الجيوستراتيجي وامتلاكها للسلاح النووي. إن استمرار حالة عدم اليقين السياسي والصراع بين السلطة القضائية والقيادات السياسية قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الباكستاني المتعثر أصلاً، والذي يعتمد بشكل كبير على برامج الإنقاذ من صندوق النقد الدولي والمساعدات الخارجية، مما يجعل الاستقرار السياسي ضرورة ملحة للتعافي الاقتصادي.

spot_imgspot_img