أثارت واقعة تعرض طبيبة مسلمة لمضايقات من قبل مسؤول هندي طالبها بنزع حجابها أثناء تأدية عملها، موجة عارمة من الغضب والاستنكار على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الحقوقية، لتعيد هذه الحادثة تسليط الضوء على ملف الحريات الدينية المتوتر في الهند.
تفاصيل الواقعة وردود الفعل
تداول نشطاء مقاطع فيديو وتقارير تفيد بقيام مسؤول محلي بتوبيخ طبيبة ومطالبتها بخلع الحجاب أو النقاب كشرط للاستمرار في عملها داخل المرفق الطبي، وهو تصرف اعتبره الكثيرون انتهاكاً صارخاً للخصوصية ولحق المرأة في اختيار ملابسها، فضلاً عن كونه تعدياً على الحرية الدينية التي يكفلها الدستور الهندي نظرياً. وقد قوبل هذا التصرف بإدانات واسعة من قبل منظمات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان الذين وصفوا السلوك بأنه يندرج تحت إطار "الإسلاموفوبيا" المتصاعدة.
الخلفية التاريخية: أزمة الحجاب في الهند
لا تعتبر هذه الحادثة معزولة عن سياق عام تشهده الهند منذ سنوات، وتحديداً منذ تفجر أزمة الحجاب في ولاية كارناتاكا عام 2022. بدأت الأزمة عندما منعت مدرسة ثانوية في منطقة أودوبي الطالبات المسلمات من ارتداء الحجاب داخل الفصول الدراسية، مما أدى إلى احتجاجات واسعة النطاق امتدت لولايات أخرى. وقد تحولت قضية الزي الديني منذ ذلك الحين إلى ساحة صراع سياسي وقضائي، حيث أصدرت محكمة كارناتاكا العليا حكماً مثيراً للجدل أيدت فيه حظر الحجاب في المؤسسات التعليمية، معتبرة أنه ليس "ممارسة دينية أساسية" في الإسلام، وهو الحكم الذي تم الطعن فيه لاحقاً أمام المحكمة العليا الهندية.
الأبعاد السياسية والاجتماعية
يرى المراقبون للشأن الهندي أن تكرار مثل هذه الحوادث، سواء في المدارس أو المستشفيات، يرتبط بشكل وثيق بصعود التيار القومي الهندوسي والسياسات التي يتبناها الحزب الحاكم. وقد أدى هذا المناخ المشحون إلى زيادة الاستقطاب الديني في المجتمع الهندي، حيث باتت الرموز الدينية الإسلامية هدفاً لحملات سياسية، خاصة في الفترات التي تسبق الانتخابات المحلية أو العامة.
التأثيرات المحلية والدولية
على الصعيد المحلي، تثير هذه الممارسات مخاوف جدية بشأن تهميش النساء المسلمات وحرمانهن من التعليم والعمل، حيث قد تضطر الكثيرات منهن لترك وظائفهن أو مقاعد الدراسة إذا خُيرن بين عقيدتهن ومستقبلهن المهني. أما دولياً، فقد لفتت هذه القضية انتباه منظمات حقوقية عالمية ولجنة الحريات الدينية الأمريكية، التي أعربت في تقارير سابقة عن قلقها إزاء تراجع الحريات الدينية في الهند، محذرة من أن استمرار هذا النهج قد يضر بصورة الهند كدولة ديمقراطية علمانية تعددية.


