أعلنت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في أحدث تقاريرها عن تفاقم الأزمة الإنسانية في ولاية شمال دارفور، كاشفة عن نزوح ما يزيد عن 107,294 شخصاً من مدينة الفاشر والمناطق المحيطة بها. يأتي هذا النزوح الجماعي نتيجة مباشرة لتصاعد العمليات العسكرية والاشتباكات العنيفة التي شهدتها المدينة مؤخراً، مما أجبر آلاف الأسر على ترك منازلهم بحثاً عن ملاذات آمنة في ظل ظروف معيشية بالغة التعقيد.
خلفية الصراع وتطورات المشهد في الفاشر
تكتسب مدينة الفاشر أهمية استراتيجية وعسكرية كبرى، كونها عاصمة ولاية شمال دارفور والمدينة الوحيدة في إقليم دارفور التي ظلت لفترة طويلة خارج سيطرة قوات الدعم السريع بشكل كامل، حيث تتمركز فيها قيادة الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني. ومنذ اندلاع الحرب في السودان في منتصف أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تحولت المدينة إلى نقطة ساخنة، إلا أن وتيرة المعارك اشتدت بشكل غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة، مما حول أحياءً سكنية كاملة إلى ساحات قتال مفتوحة.
التداعيات الإنسانية والمخاوف الدولية
لا تقتصر مأساة الفاشر على أرقام النازحين فحسب، بل تمتد لتشمل انهياراً شبه كامل في الخدمات الأساسية. وتفيد التقارير الميدانية بأن المستشفيات والمرافق الصحية تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، فضلاً عن انقطاع خدمات المياه والكهرباء. وقد حذرت وكالات الأمم المتحدة مراراً من أن الحصار المفروض على المدينة وقطع طرق الإمداد قد يؤدي إلى كارثة مجاعة محققة، خاصة وأن الفاشر كانت تعتبر مركزاً رئيسياً لتوزيع المساعدات الإنسانية لبقية ولايات دارفور.
أزمة النزوح الأكبر عالمياً
يأتي هذا النزوح الجديد ليضاف إلى سجل السودان المؤلم الذي بات يسجل أكبر أزمة نزوح في العالم حالياً. فوفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فر أكثر من 8 ملايين سوداني من منازلهم منذ بدء الحرب، حيث نزح الملايين داخلياً إلى ولايات أكثر أمناً مثل القضارف والبحر الأحمر ونهر النيل، بينما عبر مئات الآلاف الحدود إلى دول الجوار، وتحديداً تشاد ومصر وجنوب السودان. ويشكل نزوح سكان الفاشر ضغطاً إضافياً على المناطق المستضيفة التي تعاني أصلاً من شح الموارد وضعف البنية التحتية.
وفي ظل استمرار القصف المدفعي والاشتباكات البرية، تظل الدعوات الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية آمنة هي الأمل الوحيد للمدنيين العالقين، إلا أن الاستجابة لهذه الدعوات لا تزال دون المستوى المطلوب لإنقاذ الأرواح ووقف نزيف الهجرة القسرية.


