شهد قطاع غزة تطوراً دراماتيكياً متسارعاً تمثل في انهيار الهدنة المؤقتة التي كانت سارية، حيث استأنف الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية بكثافة غير مسبوقة، مستخدماً القصف المدفعي البري والغارات الجوية المتواصلة على مختلف مناطق القطاع. يأتي هذا التصعيد لينهي فترة من الهدوء النسبي والهش الذي سمح بالتقاط الأنفاس ودخول بعض المساعدات الإنسانية، ليعود المشهد الميداني إلى مربع العنف الأول وسط مخاوف دولية من تفاقم الكارثة الإنسانية.
وبحسب التقارير الميدانية، فقد بدأت الطائرات الحربية الإسرائيلية شن سلسلة من الغارات العنيفة التي استهدفت البنية التحتية ومواقع يُعتقد أنها تابعة للفصائل الفلسطينية، بالتزامن مع تحركات للآليات العسكرية والدبابات على التخوم وفي محاور التوغل البري. ويشير هذا التحول التكتيكي إلى قرار إسرائيلي بتوسيع رقعة العمليات العسكرية وتعميق التوغل البري، وهو ما ينذر بمرحلة جديدة وأكثر دموية من الصراع الدائر، حيث تتلاشى الآمال التي كانت معقودة على تمديد وقف إطلاق النار.
خلفية الصراع وتحديات التهدئة
لفهم سياق هذا الانهيار، يجب النظر إلى التعقيدات التي شابت مفاوضات التهدئة منذ البداية. غالباً ما تكون الهدن في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني محكومة بتفاصيل دقيقة تتعلق بملفات شائكة مثل تبادل الأسرى والرهائن، وإدخال المساعدات الإنسانية والوقود. إن فشل الأطراف في التوصل إلى اتفاق حول قوائم المفرج عنهم أو الشروط الميدانية يؤدي عادةً إلى استئناف فوري للأعمال العدائية، حيث تسعى إسرائيل لتحقيق أهدافها المعلنة المتمثلة في القضاء على القدرات العسكرية للفصائل في غزة، بينما تسعى الفصائل للصمود وفرض شروطها.
التداعيات الإنسانية والتحذيرات الدولية
على الصعيد الإنساني، يضع استئناف القصف سكان قطاع غزة أمام مأساة متجددة. فالقطاع الذي يعاني أصلاً من تدمير واسع في البنية التحتية ونقص حاد في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، يجد نفسه الآن معزولاً مرة أخرى عن شريان الحياة الذي وفرته الهدنة القصيرة. المستشفيات التي تعمل فوق طاقتها باتت مهددة بالتوقف التام مع تجدد استهداف محيطها وصعوبة وصول الجرحى إليها، مما دفع المنظمات الأممية والدولية لإطلاق نداءات استغاثة عاجلة تحذر من انهيار كامل للمنظومة الصحية والاجتماعية.
الأبعاد الإقليمية والدولية
لا يقتصر تأثير هذا التصعيد على الجغرافيا الضيقة لغزة، بل يمتد ليشمل الإقليم بأسره. تتابع دول الجوار، وخاصة مصر والأردن، بقلق بالغ هذه التطورات خوفاً من موجات نزوح قسري أو تمدد الصراع ليشمل جبهات أخرى. كما يضع انهيار الهدنة الوسطاء الدوليين، وتحديداً الولايات المتحدة وقطر ومصر، في موقف حرج، حيث تتضاءل فرص الحلول الدبلوماسية أمام صوت المدافع، مما يزيد من الضغوط السياسية والشعبية حول العالم للمطالبة بوقف دائم وشامل لإطلاق النار بدلاً من الهدن المؤقتة الهشة.


