في تصعيد جديد يعكس استمرار التوترات على الحدود الجنوبية لسوريا، أفادت تقارير ميدانية عن توغل جديد لقوات الاحتلال الإسرائيلي في ريف القنيطرة، في خطوة تُعد انتهاكاً صريحاً للسيادة السورية وخرقاً للاتفاقيات الدولية الناظمة للمنطقة العازلة. وتأتي هذه التحركات ضمن سلسلة من العمليات التي دأبت إسرائيل على تنفيذها في الآونة الأخيرة، مستغلة الظروف الإقليمية المعقدة لفرض واقع ميداني جديد.
تفاصيل التحركات الميدانية في المنطقة العازلة
تشير المعطيات إلى أن آليات هندسية وعسكرية إسرائيلية توغلت داخل الأراضي السورية في القطاع الجنوبي من القنيطرة، حيث قامت بأعمال تجريف وتحصين، متجاوزة خط «ألفا» الفاصل. وعادة ما تبرر إسرائيل هذه التحركات بدواعٍ أمنية، زاعمة أنها تهدف إلى منع تموضع جماعات مسلحة أو تأمين حدودها الشمالية، إلا أن هذه الأعمال تمثل خرقاً واضحاً لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974، والتي تشرف عليها قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (الأندوف).
الأهمية الاستراتيجية للقنيطرة والجولان
لا يمكن قراءة هذا التوغل بمعزل عن السياق الجغرافي والاستراتيجي للمنطقة. تُعد محافظة القنيطرة ومرتفعات الجولان نقطة تماس بالغة الحساسية. فمنذ حرب عام 1967 واحتلال إسرائيل للجولان، بقيت هذه المنطقة بؤرة توتر دائم. وتسعى إسرائيل من خلال هذه التوغلات المتكررة إلى توسيع المنطقة الأمنية العازلة فعلياً، وقضم المزيد من الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها سكان القرى الحدودية في معيشتهم، مما يزيد من معاناة الأهالي ويحرمهم من الوصول إلى أراضيهم.
السياق الإقليمي وتداعيات الانتهاكات
يأتي هذا التوغل في وقت تشهد فيه المنطقة غليانًا غير مسبوق، حيث تتداخل الجبهات من غزة إلى جنوب لبنان وصولاً إلى سوريا. ويرى مراقبون أن إسرائيل تحاول استغلال انشغال المجتمع الدولي بالملفات الساخنة الأخرى لتثبيت نقاط مراقبة جديدة وتغيير التضاريس الجغرافية في القنيطرة بما يخدم مصالحها العسكرية طويلة الأمد. هذا السلوك لا يهدد فقط استقرار الجنوب السوري، بل قد يؤدي إلى انزلاق المنطقة نحو مواجهات أوسع في حال استمرت الاستفزازات دون رادع دولي.
الموقف الدولي واتفاقية فك الاشتباك
رغم وجود قوات «الأندوف» التابعة للأمم المتحدة، إلا أن وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية في تصاعد. وتنص الاتفاقيات الدولية على منع دخول القوات العسكرية إلى المنطقة منزوعة السلاح، وهو ما تتجاوزه إسرائيل بشكل دوري عبر توغلات الدبابات والجرافات. ويطرح هذا الواقع تساؤلات جدية حول فعالية الآليات الدولية في لجم هذه التصرفات، وضرورة تحرك المجتمع الدولي لحماية السيادة السورية وضمان عدم تفجر الأوضاع في هذه الجبهة الهادئة نسبياً مقارنة بغيرها.


