شهدت الساعات القليلة الماضية تصعيداً عسكرياً خطيراً في الأراضي الفلسطينية، حيث شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة من الغارات العنيفة والمكثفة على مناطق متفرقة من قطاع غزة، تركزت بشكل خاص على مدينة رفح جنوبي القطاع، بالتزامن مع حملة مداهمات واعتقالات واسعة النطاق طالت مدناً ومخيمات عدة في الضفة الغربية المحتلة.
غارات مكثفة على الملاذ الأخير
أفادت مصادر محلية وشهود عيان بأن القصف الإسرائيلي استهدف منازل مأهولة ومربعات سكنية في مدينة رفح، التي تؤوي حالياً أكثر من نصف سكان قطاع غزة، غالبيتهم من النازحين الذين أجبروا على الفرار من مناطق الشمال والوسط. وقد أدى هذا القصف العنيف إلى دمار واسع في البنية التحتية وسقوط عدد من الضحايا والمصابين، وسط تحذيرات دولية وأممية مستمرة من مغبة شن عملية برية واسعة في المدينة الحدودية المكتظة، نظراً للكارثة الإنسانية المحتملة التي قد تنجم عنها.
الضفة الغربية.. ساحة مواجهة موازية
وفي سياق متصل، لم تكن الضفة الغربية بمنأى عن هذا التصعيد، حيث اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدة مدن وبلدات، شملت جنين، ونابلس، والخليل، ومناطق في رام الله. وتخلل هذه الاقتحامات مواجهات عنيفة مع الشبان الفلسطينيين، أسفرت عن تنفيذ حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات. وتأتي هذه الاعتقالات ضمن سياسة تكثيف الضغط العسكري في الضفة لمنع انفجار الأوضاع بشكل كامل بالتوازي مع الحرب الدائرة في غزة، حيث تشير إحصائيات المؤسسات الحقوقية إلى ارتفاع غير مسبوق في أعداد المعتقلين الإداريين منذ السابع من أكتوبر.
السياق العام والأبعاد الاستراتيجية
يأتي هذا التصعيد المزدوج في وقت حساس للغاية، حيث تتعثر المفاوضات الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وتبادل للأسرى. ويعكس التركيز العسكري على رفح إصراراً إسرائيلياً على مواصلة الضغط العسكري رغم التحذيرات المصرية والأمريكية من تداعيات السيطرة على محور فيلادلفيا أو تهجير السكان. تاريخياً، لطالما ارتبط التصعيد في غزة بتحركات موازية في الضفة الغربية، حيث تسعى إسرائيل لفصل الساحات، بينما يثبت الواقع الميداني ترابطهما الوثيق.
تداعيات إنسانية وسياسية
على الصعيد الإنساني، يفاقم القصف المستمر على رفح من معاناة النازحين الذين يعانون أصلاً من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، في ظل حصار مطبق وقيود صارمة على دخول المساعدات. دولياً، يضع هذا التصعيد المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لقدرته على حماية المدنيين وإنفاذ القانون الدولي الإنساني، وسط مخاوف من اتساع رقعة الصراع إقليمياً إذا ما استمرت وتيرة العمليات العسكرية بهذا الشكل المتصاعد دون أفق سياسي واضح للحل.


