تصعيد جديد للتوترات في شرق آسيا
في خطوة تعكس تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة شرق آسيا، أعلن وزير الدفاع الياباني، شينجيرو كويزومي، أن بلاده تمضي قدماً في خططها لنشر صواريخ أرض-جو متوسطة المدى في قاعدة يوناغوني العسكرية. وتكتسب هذه الخطوة أهمية استراتيجية بالغة نظراً لموقع القاعدة التي تقع على بعد 110 كيلومترات فقط شرق تايوان، مما يجعلها جزءاً محورياً من استراتيجية طوكيو لتعزيز دفاعاتها في جزر نانسي الجنوبية.
خلفية القرار وسياقه التاريخي
يأتي هذا القرار في سياق تحول تاريخي في السياسة الدفاعية اليابانية. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تبنت اليابان دستوراً سلمياً يحد من قدراتها العسكرية، لكن التحديات الأمنية المتزايدة في المنطقة، خاصة من الصين وكوريا الشمالية، دفعت طوكيو إلى إعادة تفسير دستورها لتبني موقف دفاعي أكثر حزماً. تعتبر اليابان أي طارئ عسكري في تايوان تهديداً وجودياً لأمنها القومي، نظراً لقربها الجغرافي واعتمادها على الممرات البحرية الحيوية في المنطقة. وأكد الوزير كويزومي خلال زيارته للقاعدة أن “هذا النشر سيساعد في خفض فرص الهجوم المسلح على بلادنا”، رافضاً المخاوف من أن هذه الخطوة قد تزيد من حدة التوتر الإقليمي.
رد الفعل الصيني الحازم
لم يتأخر الرد الصيني، حيث أصدرت وزارة الخارجية في بكين بياناً شديد اللهجة، حثت فيه طوكيو على “التفكير ملياً في أخطائها وتصحيحها في أسرع وقت ممكن”. وحذرت بكين من أن اليابان تسير في “طريق خاطئ” يهدد السلام والاستقرار في شرق آسيا. وتعتبر الصين هذه الخطوة “تدخلاً مسلحاً” في شؤونها الداخلية المتعلقة بتايوان، التي تراها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها بموجب مبدأ “صين واحدة”. كما اتهمت بكين طوكيو بـ”التآمر مع قوى خارجية”، في إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة، الحليف الأمني الرئيسي لليابان.
الأهمية الاستراتيجية والتأثيرات المحتملة
يُنظر إلى نشر الصواريخ اليابانية كجزء من استراتيجية أوسع نطاقاً تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها لردع النفوذ العسكري الصيني المتنامي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وتتزامن هذه الخطوة مع تدريبات عسكرية مشتركة مكثفة بين الولايات المتحدة واليابان، مثل مناورات “التنين الحازم 2025” (Resolute Dragon 2025)، التي تحاكي سيناريوهات “طوارئ تايوان”. على الصعيد الدولي، يثير هذا التصعيد مخاوف من سباق تسلح إقليمي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار أحد أهم الممرات التجارية في العالم. أي صراع في مضيق تايوان لن تكون له تداعيات عسكرية فحسب، بل سيؤثر بشكل كارثي على الاقتصاد العالمي وسلاسل الإمداد الدولية، مما يضع المنطقة بأكملها على حافة مواجهة غير محسوبة العواقب.


