أعرب الكرملين عن قلقه العميق إزاء تطورات الأوضاع الأخيرة في فنزويلا، واصفاً التصعيد الحالي بأنه “خطير للغاية” وقد يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها على استقرار المنطقة بأسرها. وجاء هذا التحذير في سياق التعليق الروسي الرسمي على الأحداث المتسارعة التي تشهدها كاراكاس، حيث أكدت موسكو على ضرورة حل الخلافات الداخلية عبر الحوار السلمي وضمن الأطر الدستورية، بعيداً عن لغة العنف أو التحريض في الشارع.
موقف روسيا من التدخلات الخارجية
وشدد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، في تصريحات صحفية، على رفض بلاده القاطع لأي شكل من أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لفنزويلا. وتعتبر موسكو أن محاولات بعض القوى الدولية فرض إملاءات سياسية أو دعم طرف على حساب آخر لا تساهم إلا في تأجيج الصراع الداخلي، مما قد يجر البلاد إلى سيناريوهات كارثية قد تصل إلى حد الحرب الأهلية. وتؤكد روسيا دائماً أن الشعب الفنزويلي هو الوحيد المخول بتقرير مصيره واختيار قيادته دون وصاية من أحد.
الخلفية التاريخية والسياسية للأزمة
لفهم عمق الموقف الروسي، يجب النظر إلى السياق التاريخي للعلاقات بين البلدين. تُعد فنزويلا حليفاً استراتيجياً رئيسياً لروسيا في أمريكا اللاتينية منذ عهد الرئيس الراحل هوغو تشافيز، واستمر هذا التحالف في عهد الرئيس الحالي نيكولاس مادورو. وقد شهدت فنزويلا خلال السنوات الماضية أزمات سياسية واقتصادية خانقة، تخللتها موجات احتجاجية واسعة ومحاولات من المعارضة للطعن في شرعية السلطة الحاكمة، وهي تحركات غالباً ما حظيت بدعم من الولايات المتحدة ودول غربية، مما جعل الملف الفنزويلي ساحة للتجاذب الجيوسياسي بين القوى العظمى.
الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية
لا يقتصر الاهتمام الدولي بما يحدث في فنزويلا على الجانب السياسي فحسب، بل يمتد ليشمل الجوانب الاقتصادية والاستراتيجية. تمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، مما يجعل استقرارها أمراً حيوياً لأسواق الطاقة العالمية. وتخشى روسيا، التي تمتلك استثمارات ضخمة في قطاع الطاقة الفنزويلي، من أن يؤدي أي تغيير غير دستوري للنظام أو فوضى أمنية إلى تهديد هذه المصالح والإخلال بتوازن القوى في النصف الغربي من الكرة الأرضية.
دعوات للتهدئة والحوار
في ختام تعليقه، جدد الكرملين دعوته لجميع الأطراف السياسية في فنزويلا إلى التحلي بضبط النفس وتغليب المصلحة الوطنية. وترى موسكو أن المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة يكمن في الجلوس إلى طاولة المفاوضات والبحث عن تسويات سياسية تحافظ على سيادة الدولة ومؤسساتها، محذرة من أن الانزلاق نحو العنف لن يخدم سوى أعداء فنزويلا والمتربصين باستقرارها.


