spot_img

ذات صلة

لافروف يتهم الغرب بتأجيج الصراع في أوكرانيا وعرقلة السلام

شن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، هجوماً دبلوماسياً حاداً على الدول الغربية، متهماً إياها بالتدخل السافر والمستمر في الشأن الداخلي الأوكراني، وهو ما اعتبره السبب الرئيسي في إطالة أمد الصراع وتقويض أي فرص حقيقية للتوصل إلى تسوية سياسية مستدامة. وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات بين موسكو والعواصم الغربية توتراً غير مسبوق، وصل إلى مستويات تذكرنا بأجواء الحرب الباردة.

خلفيات الصراع والجذور التاريخية

لا يمكن فصل تصريحات لافروف الحالية عن السياق التاريخي المتراكم للأزمة. فمنذ سنوات، وتحديداً منذ أحداث عام 2014، تكرر موسكو تحذيراتها من محاولات الغرب، بقيادة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لتحويل أوكرانيا إلى رأس حربة ضد روسيا. وترى القيادة الروسية أن التوسع المستمر لحلف الناتو شرقاً، وتجاهل المخاوف الأمنية الروسية المشروعة التي طُرحت مراراً على طاولة المفاوضات قبل تصعيد فبراير 2022، هو المحرك الأساسي للأزمة الحالية. ويشير لافروف دائماً إلى أن ضخ السلاح الغربي إلى كييف ليس مجرد دعم، بل هو انخراط مباشر في المعركة يهدف إلى استنزاف القدرات الروسية استراتيجياً.

الأبعاد الجيوسياسية للتدخل الغربي

يرى المحللون أن اتهامات لافروف تتجاوز حدود الجغرافيا الأوكرانية لتلامس شكل النظام العالمي الجديد. فموسكو تعتبر أن ما يجري في أوكرانيا هو صراع بين رؤيتين: رؤية الهيمنة الأحادية القطبية التي تسعى واشنطن للحفاظ عليها، ورؤية التعددية القطبية التي تدعو إليها روسيا والصين ودول أخرى. ويؤكد لافروف في مناسبات عدة أن التدخل الغربي لا يقتصر على الدعم العسكري، بل يشمل حرباً اقتصادية شاملة عبر العقوبات، وحرباً إعلامية تهدف إلى شيطنة روسيا وعزلها دولياً، وهو ما فشل الغرب في تحقيقه كلياً نظراً لاستمرار علاقات موسكو القوية مع دول الجنوب العالمي ومجموعة بريكس.

تداعيات استمرار التصعيد

إن استمرار هذا النهج، وفقاً للرؤية الروسية التي عبر عنها لافروف، يحمل تداعيات خطيرة على الأمن والسلم الدوليين. فزيادة الانخراط الغربي يرفع من مخاطر الصدام المباشر بين قوى نووية، كما أنه يعطل سلاسل الإمداد العالمية ويؤثر سلباً على أمن الطاقة والغذاء، وهي أزمات يدفع ثمنها المواطن العادي في أوروبا وخارجها. وتخلص تصريحات الخارجية الروسية دائماً إلى أن الحل الوحيد يكمن في اعتراف الغرب بالحقائق الجيوسياسية الجديدة، والتوقف عن استخدام أوكرانيا كأداة جيوسياسية، والجلوس إلى طاولة المفاوضات لمناقشة مبادئ الأمن غير القابل للتجزئة في القارة الأوروبية.

spot_imgspot_img