تحركات دولية جديدة لإنهاء الصراع
في خطوة دبلوماسية لافتة، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن اجتماع مرتقب يوم الثلاثاء يضم 30 دولة من “تحالف الراغبين” الداعم لأوكرانيا. سيُعقد الاجتماع عبر تقنية الفيديو بهدف تنسيق المواقف ومناقشة مقترحات الحلول المطروحة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وعلى رأسها خطة سلام أمريكية أثارت جدلاً واسعاً. يأتي هذا الإعلان في وقت حساس، حيث تستضيف جنيف محادثات جديدة، وتتزايد الضغوط الدولية لإيجاد مخرج من الأزمة التي دخلت عامها الثاني.
خلفية الصراع وتداعياته
تعود جذور الصراع الأوكراني إلى عام 2014 مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ودعمها للانفصاليين في إقليم دونباس شرق أوكرانيا. لكن التوترات بلغت ذروتها في فبراير 2022 مع بدء الغزو الروسي الشامل، مما أدى إلى أكبر حرب برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. خلّف الصراع عشرات الآلاف من القتلى، وشرد الملايين من الأوكرانيين، وتسبب في دمار هائل للبنية التحتية، فارضاً تداعيات اقتصادية وأمنية خطيرة على المستوى العالمي، من أزمة طاقة وغذاء إلى سباق تسلح جديد.
تفاصيل الخطة الأمريكية وموقف ماكرون
على هامش قمة مجموعة العشرين، أوضح ماكرون أن اجتماع الثلاثاء سيبحث التقدم المحرز في المفاوضات، لكنه أبدى تشككه من الخطة الأمريكية، مشيراً إلى أنها تفتقر إلى “عناصر ردع” حقيقية، وحذر من أن “الروس سيعودون ولن يفوا بوعودهم”. وتتضمن الخطة الأمريكية المكونة من 28 بنداً، بحسب التسريبات، تنازلات مؤلمة من كييف، أبرزها:
- التنازل عن منطقة دونباس وشبه جزيرة القرم لصالح روسيا.
- تجميد خطوط التماس في منطقتي خيرسون وزابوريجيا.
- التخلي عن طموح الانضمام إلى حلف الناتو، مع إمكانية الانضمام للاتحاد الأوروبي.
- عدم السماح بنشر قوات دولية على أراضيها.
- إجراء انتخابات خلال 100 يوم مقابل الحصول على ضمانات أمنية أمريكية.
في المقابل، تقضي الخطة بانسحاب القوات الروسية من أجزاء واسعة في مناطق خاركيف ودنيبروبيتروفسك وسومي وتشرنيغوف.
الأهمية والتأثيرات المتوقعة
تحمل هذه المبادرات الدبلوماسية أهمية قصوى على كافة الأصعدة. فعلى المستوى المحلي، تواجه أوكرانيا خيارات صعبة تتعلق بسيادتها ووحدة أراضيها، وأي تنازلات إقليمية قد تثير اضطرابات سياسية داخلية. إقليمياً، يسعى الحلفاء الأوروبيون إلى استعادة الاستقرار على حدودهم وتجنب اتساع رقعة الصراع. أما دولياً، فإن نجاح أي خطة سلام سيعيد تشكيل موازين القوى العالمية ويختبر مدى فاعلية الدبلوماسية في حل النزاعات الكبرى. ويبقى نجاح هذه الجهود مرهوناً بمدى استعداد طرفي النزاع لتقديم تنازلات حقيقية، وبقدرة المجتمع الدولي على توفير ضمانات أمنية فعالة ومستدامة تمنع تجدد الصراع مستقبلاً.


