spot_img

ذات صلة

أسرار اغتيال منصور الكيخيا: عائلته تكشف تورط القذافي

عاد ملف المعارض الليبي البارز ووزير الخارجية الأسبق، منصور الكيخيا، إلى الواجهة مجدداً، حيث كشفت زوجته وابنته تفاصيل مؤلمة ودقيقة حول عملية اختطافه المعقدة التي جرت في القاهرة، وصولاً إلى نهايته المأساوية على يد نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وتأتي هذه التصريحات لتسلط الضوء من جديد على واحدة من أكثر الجرائم السياسية غموضاً في تاريخ ليبيا الحديث، كاشفة عن مدى ملاحقة النظام السابق لمعارضيه في الخارج.

من هو منصور الكيخيا؟ الخلفية التاريخية

يُعد منصور الكيخيا قامة دبلوماسية وسياسية رفيعة المستوى في تاريخ ليبيا؛ فقد شغل منصب وزير الخارجية الليبي في بداية السبعينيات، كما كان مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، حيث اكتسب احتراماً دولياً واسعاً لثقافته وحنكته السياسية. عُرف الكيخيا بمواقفه المبدئية ودفاعه المستميت عن حقوق الإنسان والديمقراطية، مما دفعه للانشقاق علنياً عن نظام القذافي في عام 1980 احتجاجاً على الإعدامات والممارسات القمعية. أصبح بعدها أحد أبرز أصوات المعارضة الليبية في المنفى، ومؤسساً للتحالف الوطني الليبي، مما جعله هدفاً رئيسياً لأجهزة استخبارات النظام.

لغز الاختطاف في القاهرة عام 1993

تعود تفاصيل الحادثة المروعة إلى شهر ديسمبر من عام 1993، حين كان الكيخيا يزور القاهرة للمشاركة في اجتماع مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان. اختفى الرجل فجأة في ظروف غامضة، وظل مصيره مجهولاً لسنوات طويلة وسط صمت مطبق. وتشير الشهادات والتحقيقات التي ظهرت لاحقاً بعد ثورة 17 فبراير، إلى وجود تنسيق أمني رفيع المستوى بين أجهزة أمنية مصرية في ذلك الوقت والمخابرات الليبية، أدى إلى تسهيل عملية اختطافه من قلب القاهرة وتسليمه سراً عبر الحدود البرية إلى طرابلس، حيث كان القذافي ينتظر الانتقام من “صديقه القديم” الذي تحول إلى ألد أعدائه.

النهاية المأساوية واكتشاف الجثمان

بعد سقوط نظام القذافي في عام 2011، بدأت الحقائق تتكشف تباعاً. وبحسب روايات العائلة والتحقيقات الرسمية الليبية، فإن الكيخيا احتُجز في فيلا تابعة للاستخبارات العسكرية فور وصوله لليبيا. وفي تطور درامي هز الرأي العام، تم العثور في أكتوبر 2012 على جثمانه داخل ثلاجة في إحدى الفلل بالعاصمة طرابلس، وأثبتت تحاليل الحمض النووي (DNA) هويته بشكل قاطع. تشير المعلومات المؤكدة إلى أنه توفي أو قُتل بعد فترة وجيزة من اختطافه، وظل جثمانه مخفياً ومحفوظاً طوال تلك السنوات بأوامر عليا، في سابقة تعكس وحشية التعامل مع الخصوم السياسيين.

أهمية القضية وتأثيرها الحقوقي

تعتبر قضية منصور الكيخيا رمزاً لانتهاكات حقوق الإنسان العابرة للحدود التي مارسها النظام السابق، ودليلاً على غياب الأمان للمعارضين السياسيين حتى في الدول الشقيقة. وقد خاضت عائلته، ممثلة في زوجته السيدة بهاء العمري وابنته جيهان، معارك قانونية طويلة وشاقة في الولايات المتحدة وليبيا للكشف عن الحقيقة الكاملة والحصول على تعويضات معنوية ومادية، مؤكدين أن ما حدث لم يكن مجرد جريمة قتل فردية، بل محاولة ممنهجة لطمس صوت الحق والحرية. تظل هذه القضية شاهداً تاريخياً ودرساً للأجيال حول ثمن النضال السياسي في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية.

spot_imgspot_img